للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم جواز النيل، وقال لهم كما قال لبني هِلَال من قبلهم: "قد أعطيتكم المغرب ومُلك المعز بن بلكين الصنهاجي العبد الآبق فلا تفتقرون".

قلت: العبد الآبق كما يقال الولد العاق، وكتب وزير الخليفة إلى الملوك في المغرب موجهًا رسالته لهم قائلًا فيها:

"فلقد أنفذنا إليكم خيولًا فحولا وأرسلنا عليها رجالًا كهولا ليقضي الله أمرًا كان مفعولا".

وقال ابن خلدون: كانت قبائل هِلَال ومن تبعها قد دخلوا إلى إفريقيا كالجراد المنتشر لا يمرون بشيء إلا أتوا عليه، وأظهروا الفساد في الأرض ونادوا بشعار الخليفة الفاطمي، وقد حشدت لهم صنهاجة وزناته نحو ثلاثين ألفًا، وقبل القتال انحاز عرب الفتح إلى الهلالية ومن معهم من سُلَيْم وكانوا ثلاثة آلاف فارس، وقد كانت من أوائل الوقائع بين البربر وعرب هِلَال وسُلَيْم (١)، وكانت الدائرة والهزيمة على المعز وجيشه، وفر بنفسه ونهبت العرب مخلفه من المال والمتاع والفساطيط والرايات، وقتلوا من البربر ما لا يحصى؛ وقال ابن خلدون: إن عدد قتلى صنهاجة وحدها ثلاثة آلاف وثلاثمائة خلاف قتلى زناته، وبعد هذه الوقعة قال علي بن رزق الرياحي (بني هِلَال):

لقد زار وهنًا من أميم خيال … وأيدي المطايا بالزميل عِجال

وإن ابن باديس لأفضل مالك … لعمري ولكن ما لديه رجال

ثلاثون ألفًا منهم قد هزمتهم … ثلاثة آلاف وذاك ضلال!

ثم قال ابن خلدون:

إن العربان من هِلَال نزلوا بالقيروان وحاصروها طويلًا، وهلكت الضواحي والقرى بإفساد العرب وعبثهم، وكثر النهب واشتد الحصار وفرَّ أهل القيروان (٢) إلى سوسة (٣) وعمَّ العبث في البلاد، ودخلت هذه القبائل عام ٤٤٥ هـ إلى تلك


(١) ذكر الحسن بن محمد الوزان المغربي الشهير باسم ليون الأفريقي عام ٩٦٠ هـ - ٥٥٢ م وقال: إن بطون هِلَال وسُلَيم كانتا على غاية من القوة في الجزائر وليبيا وقتئذ، وهذا يدل على تماسك العنصر القَبَلي لهما.
(٢)، (٣) القيروان مدينة في الشمال التونسي ليست ساحلية، وسوسة مدينة ساحلية وتقع إلى الشرق من القيروان.

<<  <  ج: ص:  >  >>