للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستمرت الاشتباكات في كافة مناطق الكرك، وما إن جاءت بداية عام ١٩١١ م حتى كانت القوات العثمانية قد سحقت الثورة بشكل دموي، وتفرغت السلطات العثمانية لتأديب القبائل التي شاركت في الثورة كل على حدة، وكانت الأولوية القصوى تأديب عشائر المواجدة التي قتلت أكثر من مائتي جندي وموظف في دار الحكومة بقرية العراق.

وفي ١٦ من يناير ١٩١١ م هاجم طابوران من القوات العثمانية بقيادة البيكباشي (وحيد بيك) مضارب قبيلة المواجدة، وأسفر الهجوم عن مقتل ٧٠ شهيدًا من المواجدة، وبعدها أحرق العثمانيون كل شيء بما في ذلك بيوت الشَّعر.

ويروي حرب بن مقيبل المواجدة أن العثمانيين استولوا على ١٠٣ رءوس من الخيل الأصايل (المخلديَّات) من المواجدة.

وبعد شهر واحد تمكن العثمانيون من إلقاء القبض على الشيخ مسلَّم بن موسى المواجدة وبعض الفرسان، فأُعدموا بإلقائهم من أعلى قِمَّة في قلعة الكرك!!

ومما يروى عن فظائع الأتراك العثمانيين، فقد ذكر أن الشيخ عبد الله بن جمعة المواجدة طُعن اثنتين وعشرين طعنة بالحراب قبل أن يطلقوا النار في رأسه.

وعند قيام الحكومة الفيصلية في دمشق وشرقي الأردن عام ١٩١٩ م رفضت عشائر المواجدة دفع الضرائب المترتبة عليها وأعلنوا العصيان المسلح، مما دفع الحكومة الفيصلية إلى تجريد حملة عليهم، إلَّا أن الحملة فشلت بسبب وعورة المنطقة .. وهكذا كما رأينا في هذه اللمحة دور المواجدة على ساحة الأحداث العربية في شرق الأردن، فقد أُطلق عليها "العشيرة الشهيدة" تقديرًا لتضحياتها عبر تاريخ الأردن الحديث، ولما قدمته من شهداء في سبيل عزة الوطن والعروبة، فقد بلغ تعداد الشهداء من المواجدة في ثورة الكرك ٨٤ شهيدًا.

وفي عام ١٩٣٦ م شارك المواجدة في الجهاد ضد الصهاينة في فلسطين، كما شاركوا أيضًا في ثورة عز الدين قاسم واستُشهد أحدهم وهو سلمان بن عقلة، وكذلك اشترك العديد من أبناء المواجدة في قوات الأردن ضد إسرائيل في حرب الأيام الستة عام ١٩٦٧ م وما تلى ذلك من أحداث في الأردن

ويُقدَّر عدد المواجدة في الوقت الحاضر حوالي ثمانية آلاف نسمة، يسكن معظمهم في بلدة العراق بمحافظة الكرك، والبعض الآخر في المرج ومؤتة والزرقاء وعمان والمفرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>