هجرة جحافلهم إلى ليبيا خلال القرن الحادي عشر الميلادي - الخامس الهجري، وذكر بعض الباحثين أن عدد بني سُلَيْم من المرابطين كان يناهز عشرة آلاف نفس، وكان الفرسان أيام الفتح العربي البلاد المغرب يأخذون نساءهم وأولادهم في الرباط.
وليس معنى ذلك أن المرابطين بجميع قبائلهم من سُلَيْم بن منصور العدنانية بل هناك مرابطون من قريش (١) ومن قُضاعة ومن قيس عَيْلان ومن القحطانية ومن عرب الأندلس الفارين إلى ليبيا بعد سقوط الدولة العربية في تلك البلاد، ونظرًا لأنَّ العصور الماضية قد انعدمت فيها القراءة والكتابة فلقد تاه تسلسل نسب قبائل المرابطين بمرور الزمن ولأن عصبيتهم أصلًا قد ذابت في الرباط والدين الإسلامي، وأما بطون سُلَيْم وهلال وفزارة فكانوا في انتقالهم لتلك البلاد الليبية وباقي أقطار المغرب ليس أصلًا لنشر الدين الإسلامي؛ لأنَّ الإسلام كان موجودًا في ربوع تلك الديار منذ أربعة قرون ونصف قرن قبل مجيئهم، وقد كانت عند القبائل البدوية النازحة من الجزيرة العربية عصبية النسب والحسب؛ لأنَّ هذا هو طبع القبائل العربية وإلا كيف تكون قبائل بدون هذا الشيء، وقد زاد تمسك وتعصب القبائل السُّلَمية والهِلَالية ومن تبعهم من فزارة غَطَفَان وجُشَم هَوَازِن وغيرهم ليس إلَّا من أجل تغلبهم على قبائل البربر سكان البلاد الأصليين وملوك تلك الأقطار وسادتها، علاوة على سيطرتهم على هؤلاء الأعراب من المرابطين في البوادي والقرى والمدن الذين دافعوا عن البلاد مئات السنين ضد غزوات الروم والقراصنة المغيرين حتى منتصف القرن الخامس الهجري، وبعد استقرار هِلَال وسُلَيْم وفَزَارة من عرب الجزيرة في بلاد المغرب شاركوا العرب المرابطين الدفَاع عن تلك البلاد ضد أطماع الطامعين، وقد كانوا قوة جديدة لتثبيت دعائم العروبة والإسلام في إفريقيا، ومما ساعدهم في بسط نفوذهم هو أنهم كانوا أكثر مراسًا لفنون الحرب والقتال لقرب عهدهم بالبداوة وتمسكهم بها، لربما أغلب هِلَال وسُلَيْم يحافظون
(١) أشهر القرشيين في ليبيا هي تلك القبائل أو البطون من الأشراف المشهورين خلال القرن العشرين العائلة السنوسية وأصل قبيلتهم من بني خطَّاب (الخطاطبة) ومقرها في مدينة مستغانم الجزائرية قرب الحدود المغربية، وكان جد السنوسيين يسمى سعد بن عبد الله الخطاب من مشاهير عصره، والخطاطبة من نسل الأدارسة الأشراف من ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه، وقد مكث محمد بن علي السنوسي في ليبيا أثناء عودته للجزائر من رحلته للحج.