وكان مع الشابي جنود عظيمة وخيل وإبل سدت النواحي. فآتاهم الوالي بجموع كثيرة ملفقة من العربان وتقاتلوا بذلك المكان مرات عديدة فهزموه إلى أن دخل سوسة.
وبعد أيام يسيرة أعاد الكرة على القيروان فوجد الجيوش قد أحاطت بها من كل جانب ومكان فتأخر، فرأته طلائع الشابي فأخبرته به، فأمر الشابي الأقوام باقتفاء أثره حتى يقتل أو يؤخذ أسيرا، فلحقوا به في فيافي الحاجب وتقاتل الفريقان مات فيه من كلا الفريقين خلق كثير، وآخر الحال تأخر قوم الشابي، وفي أثناء ذلك قال الطروديون لبعضهم بعضا: إن العار في انهزامكم حيث إن الرجل (أي الشابي) وثق بكم واستنجدكم من مكان بعيد للثبات والفور، فالموت دون الرجوع، وحلفوا أن لا يرجع أحد منهم إلا إذا كان ظافرا وحملوا حملة صادقة على جيوش الوالي فهزموهم ثم تتبعوا أثرهم يأخذون الغنائم والأسارى.
ولما تسامعت جنود الشابي بخبر طرود كروا راجعين فوجدوا الأمر قد فاتهم.
وحملت تلك الغنائم إلى الشابي فأعطى قسمة منها إلى طرود والقسمة الباقية إلى جيوشه ولم تقبل طرود بالقسمة فانصرفوا بغيظهم إلى سوف عازمين على عدم نصرته مرة أخرى.
ولم يذكروا لهذه الوقائع تاريخا، ولعل ذلك كان في حدود عام ٩٤٢ هـ الموافق سنة ١٥٣٦ م ويرجح ذلك ما في كتاب المؤنس:
"أن السلطان الحسن بن أبي عبد الله محمد بن الحسن بن محمد المسعود كان بعد سنة الأربعاء (؟) جمع عربانا وجموعا وخرج إلى القيروان لقصد افتكاكها من يد الشانبين فلما قرب منها خرج إليها أهل القيروان فانهزم هو ومن معه وأخذت أمواله ورجع مكسورا .... ".
وسنة الأربعاء في عام ٩٤١ هـ/ سنة ١٥٣٥ م، كما ذكر ذلك نفس الكتاب وجاء في كتاب الخلاصة النقية في آخر ترجمة الحسن المذكور وخير الدين وهو أن الحسن خرج إلى أخذ القيروان من الشابي فهزمه فركب البحر إلى إسبانيا إلخ .. والله أعلم.