سطيف بالمغرب الأوسط (الجزائر) وقد ثبتوا في مستنقع الموت ولكن عساكر الموحدين تكاثرت عليهم من كل صوب، واعتزت رياح الهلالية على الأثبج وملكوا ضواحي قسنطينة، ورجع لهم شيخهم المنفي مسعود بن زمام من المغرب فاعتز الدواودة على الأمراء والدولة وهم من رياح، وساء أثرهم فيها وغلبوا من تبقى من الأثابج وقد نزلوا قرى الزاب (شرق الجزائر) وقعدوا عن الظعن والترحال وأوطنوا بالقرى والآطام، وبعد ظهور اللإولة الحفصية في تونس ونبذهم للدواودة ورياح وقد استجاشوا عليهم بنو سُلَيْم، ضعُفت رياح في تونس وقد اصطنع السلطان الحفصي من الأثبج (كرفة) جيشًا آخر لمطاردة رياح في المغرب الأوسط (الجزائر)، فكان هؤلاء حربًا على رياح للسلطان في الجزائر مثل بني عوف بتونس (عوف بن بُهثة ابن سُلَيْم)، وقد أقطعتهم الدولة جباية الجانب الشرقي من جبل أوراس وكثيرًا من بلاد الزاب الشرقية وبعد أن قلَّت أو اختل ريح الدولة وأخلقت حدتها وأعزت رياح مرة أخرى عليها ملكوا المجالات على من يظعن فيها، وقد نزل كرفة هؤلاء بجبل أوراس حيث إقطاعاتهم وسكنوا حُللًا متفرقة وتوطنوا به ومنهم بطون كثيرة منهم بنو محمد بن كرفة (الكلبية)، وأولاد صُهيب (الشبة)، وأولاد صبيح (الصبحة)، وأولاد سرحان بن فاضل (السرحانية)، هؤلاء هم المودعات وهم موطنون بجبل أوراس مما يلي زاب تهوادا، ثم أولاد نابت بن فاضل وهم أهل الرياسة في كرفة ولهم إقطاعات من السلطان وهم أولاد مساعد، وأولاد ظافر، وأولاد قطيفة، وأما بنو محمد والمراونة فهم جائلين في الصحاري والقفار، وأما دُريد فكانوا أعز الأثبج وأعلاهم كعبا لما كانت رئاسة الأثبج كلها فيهم؛ وكان الرئيس هو حسن بن سرحان بن وبرة، وكانت مواطنهم ما بين عنابة قسنطينة إلى طارف وصقلة وما يحاذيها من الصحراء، ومنهم بطون كثيرة: أولاد عطية، وأولاد سرور، وأولاد جار الله، وأولاد ثوبة، وكانت لهم في عموم هلال رياسة، وقال شاعرهم يمدح دُريد:
دُرَيْد ذات سراة البدو منقع … كما كل أرض منقع الماء خيارها
تحن إلى أوطان مرة ناقتي لكن معها … جملة دُرَيْد كان موارها
وهو عرب الأعراب حتى تعرَّبت … بنوف المعالي ما ينفي قصارها
وتركوا طريق النار برهة وقد … كان ما تقوى المطايا حجارها