للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معهم أنهم لا يعودون، إما لأنهم فضلوا الإقامة في البلاد التي وصلوا إليها، وإما أن أغلبهم قُتلوا في ذلك الغزو، وإما لبعدهم وطول المشقة، غير أنهم انقسموا إلى قسمين: أحدهما استوطن الساحل السوداني للبحر الأحمر وهم كثرة كاثرة، والآخر عاد إلى عسير، وهم الذين بينت أقسامهم آنفًا.

أما الذين بقوا في عسير فقد تضاءلت أعدادهم، وأصبحوا قلة ووهنت شوكتهم أمام المجاورين لهم من القبائل، التي يريد كل منهم أن يبسط يده على ما بأيدي تلك الفئة القبيلة الباقية، فما هو الحل؟

هو أن تلك الفروع الباقية في ذلك الوطن، تنضوي في قبيلة قوية لتحميها من المخاطر التي تعتريها، سواء احتفظت تلك الفروع باسمها أم تسمَّت باسم القبيلة المحالفة معها. غير أن فروع بني هلال الكبرى، لم تنضو تحت أي قبيلة في عسير، بل تركت مواقعها وهبطت تهامة واستقرت في مواقعها تلك المتقدمة، وفي نهاية القرن العاشر الهجري دخل جزء منهم وهم بنو الحارث: في تهامة بالقرن وقد بينت عنهم، انظر تهامة بالقرن، وفي هذا الشأن يقول شيخنا حمد الجاسر:

"إن القبيلة العربية حيث تغادر موطنها القديم، قد يبقى من فروعها بقية في ذلك الموطن سواء احتفظ هذا الفرع باسم القبيلة أم انضوى في قبيلة قوية استولت على موطن قبيلته التي نزحت.

ويتضح هذا جليًّا في كثير من القبائل التي لا تزال مستقرة في سراوات الحجاز وفى بلاد اليمن، بحيث إن كثيرًا منها، لم تغادر مواطنها القديمة، ويرجع هذا إلى أسباب لعلَّ من أهمها: حصانة تلك المواطن وتماسك سكانها القبيلي" (١).


(١) مجلة العرب: ١١، ١٢ - سنة ١٤٠٧ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>