أبو يحيى بن أحمد إلى أن هلك أوائل المائة الثامنة، فخلفه أخوه علي، وكان أعظم أمراء رياح، وخلفه ابنه يعقوب، وطالت مدته، حتى توفي سنة ٧٩٠ هـ بنقاوس ودفن ببسكرة واشتهر من أبنائه صولة ومحمد.
وكان يعقوب بن علي أعظم أمراء رياح من سبقه منهم ومن لحقه؛ له ولوع بالفلاحة والعمران، اختط قرية فرفار قرب طولقة، ونزل عليه بها ابن خلدون في وفادته على سلطان تونس سنة ٧٨٠ هـ وله أملاك بطولقة ونقاوس والصحراء والتل، وله رغبة في السلم، وكثيرا ما يصلح بين أمراء الحفصيين أو بين الأمراء والرعايا، ونزل عليه الأمير أبو يحيى زكرياء لما ثار على أخيه سنة ٧٥٩ هـ وأصهر إليه في ابنة أخيه سعيد، فأنكحه إياها.
وكان يعقوب قد بايع أبا الحسن المريني، وفد عليه في زحفه على تونس بأرض بني حسن قرب البرواقية، وذهب معه أخوه أبو دينار سُلَيْمان إلى المغرب حتى مات فوفد على ابنه أبي عنان وأكرمه، وطلب منه تسهيل السبيل لفتح تونس، فلما زحف إليها أبو عنان باياف يعقوب وأخوه سُلَيْمان، وخالفهما أخوهما ميمون إلى ولاء الحفصيين، ثم رأى يعقوب محاولة أبي عنان لانتزاع امتيازاتهم فنبذ طاعته سنة ٧٥٨ هـ، وخالفه إليه ميمون، ورام أبو عنان إرضاء يعقوب أو القبض عليه، فلم يقدر على أكثر من تخريب قصوره بالصحراء والتل.
ثم حج يعقوب وعاد فألقى قومه في حرب مع أمير قسنطينة إبراهيم ابن السلطان أبي العباس لمحاولته نزع امتيازاتهم، فسعى في الصلح وطلب من إبراهيم إنصاف العرب فأعرض عنه فاعتزل يعقوب الحرب وتوفي فخلفه ابنه محمد وفرق عنه إبراهيم كلمة رياح وحاربه فانهزم، فلما أصحر محمد جد إبراهيم في حماية التلول عنه واضطره إلى المصيف في الزاب سنة ٧٩٢ هـ ثم هجم على التل في السنة التالية، ومات الأمير إبراهيم وتفرقت جموعه فتقدم محمد بن يعقوب إلى نواحي قسنطينة ونادى بالأمان فأمنت الطرق وصلحت أحوال الرعايا وبعث إلى السلطان أبي العباس بطاعته.
وفي سنة ٧٩٦ هـ ولي قسنطينة أبو بكر بن أبي العباس وعكف على لذاته وأساءت بطانته الإدارة فانقضَّت رياح على الدولة وقتلوا في بعض حروبهم معها قائد قسنطينة جا الخير سنة ٨٣٣ هـ.