فأما صنهاجة الجزائر فهم أهل مدر من مدنهم أشير والمدية ومليانة ومتيجة والجزائر، أسلموا لأول الفتح، ودان بالخارجية بعضهم من مجاوري زناتة، ثم فارقوها. قال ابن خلدون:
"ولصنهاجة ولاية لعلي بن أبي طالب، كما أن لمغراوة ولاية لعثمان بن عفان - رضي الله عنهما، إلا أنا لا نعرف سبب هذه الولاية ولا أصلها" اهـ.
وقدمنا البحث معه في ولاية مغراوة، ونرى أن ولاية صنهاجة لعلي سببها نزول أبنائه بينهم وكونهم آل البيت، وأما أخذهم بدعوة بني عبيد فإنما كان منافسة لزناتة الثائرة عليهم، على أن الإمارات العلوية كان سقوطها على أيديهم.
ومن بطونهم تلكاتة قوم زيري بن مناد، ومنهم فريق بجهات بجاية والمدية بفتحتين فكسرة فياء مشددة أهل المدية المعروفة إلى اليوم بهم، وبنو مزغنة أهل مدينة الجزائر، وبنو خليل ومتنان وبنو جعد وبطوية وبنو إيفاون.
وظهرت منهم دولتا بني باديس وبني حماد، ولحق بعض أبناء زيري المخالفون على إخوانهم بالأندلس، واستولوا على غرناطة حتى غلبهم عليها المرابطون، ثم غلب الموحدون صنهاجة على أمر المغرب، وغلبتهم بطون من هلال على مواطنهم فانحصروا بالجبال.
وأما صنهاجة اللثامية فمن أشهر قبائلهم لمتونة ومسوفة وقدالة، وهم أهل شعر ظواعن. قال البكري:"وجميع قبائل الصحراء يلتزمون النقاب لا تبدو منه إلا محاجر العينين ولا يفارقونه في حال من الأحوال، حتى أن الرجل لا يعرف وليه وحميمه إلا إذا تنقب، ولو زال قناع قتيل لم يعرف حتى يعاد عليه القناع، وطعامهم صفيف اللحم الجاف مطحونا ويصب عليه السمن أو الشحم المذاب، وشرابهم اللبن أغناهم عن الماء فلا يشربه أحدهم إلا شهر، وقوتهم مع ذلك مكينة وأبدانهم صحيحة" اهـ.