للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلب فانضموا إليهم، ولحقت بهم قبائل من جَرْم بن ربَّان بن حلوان بن عمران وثبتوا معهم بحضن فأقاموا هنالك، وانتشرت سائر قبائل قُضَاعة في البلاد يطلبون المتسع من المعاش ويؤمون الأرياف والعمران، فوجدوا بلادًا واسعة خالية في أطراف الشام قد خرب أكثرها واندفنت آبارها وغارت مياهها لإخراب بختُنَصر (١) لها، فافترقت قُضَاعة فرقًا أربعًا ينضم إلى الفرقة طوائف من غيرها يتبع الرجل أصهاره وأخواله.

فسار ضَجْعم بن حماطة بن عوف بن سعد بن سَلِيح بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قُضَاعة، ولبيد بن الحدرجان السليحي في جماعة من سَلِيح وقبائل قُضَاعة إلى أطراف الشام ومشارفها، وملك العرب يومئذ ظرب بن حسان بن أذينة بن السميدع بن هوبر العمليقي فانضموا إليه وصاروا معه، فأنزلهم مناظر الشام من البلقاء إلى حوارين إلى الزيتون، فلم يزالوا مع ملوك العماليق يغزون معهم المغازي ويصيبون معهم الغنائم حتى صاروا مع الزبَّاء بنت عمرو بن ظرب بن حسان المذكور، فكانوا فرسانها وولاة أمرها، فلما قتلها عمرو بن عدي بن نصر اللخْمي استولت قُضَاعة على المُلك في جنوب الشام، حتى غلبتهم غسَّان (الأزد) على المُلك فصاروا مع غسَّان حلفاء، وسليح وقبائل في قُضَاعة ظلت في ديارهم بالشام، وسار عمرو بن مالك التزيدي في تزيد وعشم ابني حلوان بن عمران وجماعة من علَاف (رَبَّان) بن حلوان وابنيه عوف بن رَبَّان، وجَرْم بن رَبَّان إلى أطراف الجزيرة ثم خالطوا قراها وعمرانها وكثروا بها، وكانت بينهم وبين الأعاجم هناك وقعة فهزموا الأعاجم وأصابوا فيهم، فقال شاعر قُضَاعة جُدِّي بن الدهاء وأنشد شعره وشعر عمرو بن مالك وقد تقدم ذكرهم.

فلم يزالوا بناحية الجزيرة حتى أغار عليهم سابور ذوي الأكتاف (٢) فافتتحها وقتل بها جماعة من تزيد وعِشم وعِلاف وبقيت منهم بقية لحقت بالشام، وسارت بلِّي وبهْراء وخَوْلان بنو عمرو بن الحاف بن قُضَاعة ومُهْرة بن حَيْدان ومن لَحِق بهم إلى بلاد اليمن فوغلوا فيها حتى نزلوا مأرب أرض سبأ بعد افتراق الأزد منها،


(١) في تاريخ العبر لابن خلدون ج ٣ بُخْتنَصر ملك الموصل في بابل (العراق) غزا بلاد الشام وقد سبى أغلب بني إسرائيل حول بيت المقدس وبلاد فلسطين، وظلوا في السبي في بلاد ما بين النهرين حتى أعادهم إلى بيت المقدس كيرش ملك فارس الذي تغلب على الكلدانيين الذين كانوا ببابل ومنهم بخنتصر.
(٢) سابور ذوي الأكتاف ملك شهير من ملوك فارس (الأكاسرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>