وفي فتح بلاد المغرب كان لزهير بن قيس البلوي قيادة الجيش الذي وجهه عبد العزيز بن مروان الأموي إلى شمال أفريقيا، فبعد استشهاد عُقبة بن نافع الفهري عام ٦٤ هـ اضطر المسلمون للتخلي عن فتوحاتهم غرب برقة، وارتد معظم البربر عن الإسلام ولم يستطع العرب المسلمون المبادرة بالأخذ بالثأر من هؤلاء البربر وقتئذ، وحال دون ذلك النزاع بين عبد الله بن الزبير والخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، ثم انتهز الأخير فترة هدوء فأرسل جيشا إلى أفريقيا سيره أخوه عبد العزيز بن مروان، وعقد لواءه لزهير بن قيس البلوي، الذي كان بالأمس القريب عدوا له وقاتله في إيلة - كما أسلفنا - واستطاع المسلمون أن يهزموا جيش الروم والبربر سنة ٧٠ هـ وقُتل في هذه المعركة كسيلة رعيم البربر، وترك زهير حامية بالقيروان (تونس) ورحل يريد الرجوع إلى مصر فكان يمياى إلى الزهد والعبادة، ولكنه فوجئ في برقة بحملة أنزلها الروم من البحر، حين بلغهم أنه تقدم من برقة إلى أفريقيا الشمالية وترك برقة خالية من العساكر فعاث هؤلاء القراصنة في برقة فسادًا، فلما رأى رهير هؤلاء ينهبون الذراري والنساء قرب شاطئ البحر ووجد استغاثاتهم قرر ملاقاة هؤلاء الجند بما معه من العسكر الأقلاء، حيث ترك الباقين في أفريقية، وكانت معركة حامية الوطيس لدرجة أن عانق الروم العرب من شدة الالتحام، ولكن نظرا لكثرة جنود الروم فقد تغلبوا على زهير ورفاقه واستشهدوا عن آخرهم في المعركة، ويذكر البلاذري في "فتوح البلدان" أن قبور زهير ومن معه كانت موجودة هناك في برقة وتدعى قبور الشهداء. وإذا كان زهير قد استشهد على يد هؤلاء القراصنة من الروم، فقد أفلح في حملته في القضاء على قوة البربر بهزيمته لكسيلة وحشوده من البربر. وهكذا انتهت حياته بعد عُقبة بن نافع الفهري في سبيل نشر الإسلام في أفريقيا الشمالية.