(تحريض اليهود لغطفان) ثم خرج أولئك النفر من يهود حتى جاءوا غطفان من قيس عيلان، فدعوهم إلى حرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبروهم أنهم سيكونون معهم عليه، وأن قريشًا قد تابعوهم على ذلك، فاجتمعوا معهم فيه.
وخرجت غطفان، وقائدها عُيينة بن حِصن بن حذيفة بن بدر في بني فزارة، والحارث بن عوف بن أبي حارثة المرّي في بني مرَّة، ومسعر بن رخيلة بن نويرة بن طريف بن سمحة بن عبد الله بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان فيمن تابعه من قومه من أشجع.
قال ابن إسحاق: لما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من دومة بين الحرف وزغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تبعهم من بني كنانة وأهل تهامة، وأقبلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد حتى نزلوا بذنب نقمى إلى جانب أُحد.
(محاولة الصلح مع غطفان) فلما اشتد على الناس البلاء، بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، إلى عيينة بن حصن وإلى الحارث بن عوف المرّى، وهما قائدا غطفان فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه، فجرى بينه وبينهما الصلح، حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح إلا المراوضة في ذلك. . . فلما أراد رسول الله أن يفعل، بعث إلى سعد بن معاذ وسعد بن عُبادة، فذكر لهما واستشارهما فيه، فقالا: يا رسول الله، أمر تحبه فنصنعه، أم شيئًا أمرك الله به لا بد لنا من العمل به، أم شيء تصنعه لنا؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم (أي غالبوكم واشتدوا عليكم) من كل جانب، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما، فقال سعد بن معاذ: يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان، لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قِرى أو بيع، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا! والله مالنا بهذا من