للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باشرت موكبها وخضت غبارها … وطفئت جمر لهيبها المتوقدِ

وكررت والأبطال بين تصادمٍ … وتهاجم وتحزبٍ وتشددِ

وفوارس الهيجاء بين ممانعٍ … ومدافعٍ ومخادعٍ ومعربدِ

والبيض تلمع والرماح عواسل … والقوم بين مجدلٍ ومقيّدِ (١)

وموسَّد تحت التراب وغيرهُ … فوق التراب يئن العنان الأربدِ (٢)

أقحمت مهري تحت ظل عجاجةٍ … بسنان رمح ذابل ومهنَّدِ

ورغمت أنف الحاسدين بسطوتي … فغدوا لها من راكعين وسجّدِ

وقال عنترة أيضًا يفتخر بفروسيته:

كم فارس غادرت يأكل لحمه … ضاري الذئاب وكاسرات الأنسر

أفري الصدور بكل طعن هائل … والسابغات بكل ضرب منكر (٣)

وإذا ركبت ترى الجبال تضج من … ركض الخيول وكل قطر موعر

وإذا غزوت تحوم عقبان الفلا … حولي فتطعم كبد كل غضنفر

ولكم خطفت مدرَّعا من سرجه … في الحرب وهو بنفسه لم يشعر

ولكم وردت الموت أعظم موردٍ … وصدرت عنه فكان أعظم مصدر

يا عبل لو عاينت فعلي في العدا … من كل شلو بالتراب معفّر (٤)

والخيل في وسط المضيق تبادرت … نحوي كمثل العارض المتفجر

من كل أدهم كالرياح إذا جرى … أو أشهب عالي المطا أو أشقر (٥)

فصرخت فيهم صرخة عبسيةً … كالرعد تدوي في قلوب العسكر

وعطفت نحوهم وصلْتُ عليهم … وصدمت موكبهم بصدر الأبجر

وطرحتهم فوق الصعيد كأنهم … أعجاز نخل في حضيض المحجر

ودماؤهم فوق الدروع تخضبت … منها فصارت كالعقيق الأحمر

ولربما عثر الجواد بفارس … ويخال أن جواده لم يعثر


(١) عواسل: مهتزة، والمجدل والمقيد: الصريع والأسير.
(٢) العنان الأربد: السحاب المغير.
(٣) أفري أقطع، والسابغات: الدروع.
(٤) الشلو: العضو من الجسم. معفر: ملوث بالتراب.
(٥) المطا: الظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>