للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن شعره في وصف عبلة بنت عمه مالك:

لمن الشموس عزيزة الأحداج … يطلعن بين الوشى والديباج (١)

من كل فائقة الجمال كدمية … من لؤلؤ قد صوِّرت في عاج (٢)

تمشي وترفل في الثياب كأنها … غصن ترنح في نقا رجاج (٣)

حفت بهن مناصل وذوابل … ومشت بهن ذوامل ونواج (٤)

فيهن هيفاء القوام كأنها … فُلك مشرع على الأمواج (٥)

وقال أيضًا في وصفها ببراعة وفصاحة عبسية:

مهفهفة بالسحر من لحظاتها … إذا كلمت ميتا يقوم من اللحدِ (٦)

أشارت إليها الشمس عند غروبها … تقول إذا أسودَّ الدجى فاطلعي بعدي

وقال لها البدر المنير ألا أسفري … فإنك مثلي في الكمال وفي السعدي

فولَّت حياءً ثم أرخت لثامها … وقد نثرت من خدها رطب الوردِ

وسلَّت حساما من سواجي جفونها … كسيف أبيها القاطع المرهف الحدِ (٧)

تقاتل عيناها به وهو مغمد … ومن عجبٍ أن يقطع السيف في الغمدِ

مرنحة الأعطاف مهضومة الحشا … منعمة الأطراف مائسة القدِّ (٨)

يبيت فتات المسك تحت لثامها … فيزداد من أنفاسها أرج الندِّ (٩)

ويطلع ضوء الصبح تحت جبينها … فيغشاه ليل من دجى شعرها الجعدِ


(١) الشموس: كنى بها النساء، والأحداج: خرب من المراكب التي تصنع للنساء وأراد بقوله عزيزة الأحداج أنها كريمة أصيلة، والوشي: النقوش في الثياب، والديباج: ضرب من الثياب المنمنمة المنقوشة.
(٢) هنا يصف نساء قومه بأنهن في وضاءة اللؤلؤ وإشراقه وفي صفاء العاج وملاسته.
(٣) ترفل: تجر ذيلها خيلاء، إشارة إلى أنها من الكبر والعجب، والنقا: كثيب الرمل وشبهها في تثنيتها بالغصن في تأوّده، وجعل ثوبها في انسحابه خلفها ككثيب الرمل في تحدبه واضطرابه.
(٤) المناصل: السيوف، الذوابل الرماح، والذوابل، والنواجي: النوق السريعة.
(٥) هيفاء: رقيقة الخصر ضامرة البطن.
(٦) المهفهفة: الدقيقة الخصر.
(٧) الجفون السواجي: الساكنة الوادعة.
(٨) ترنح الأعطاف: تمايلها في غنج، ومهضومة الحشا: ضامرة البطن.
(٩) الأرج عبق الطيب. والند: ضرب من الطيب أو العنبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>