يرعى الإبل، ولكن الأخ الأكبر لم ينجب أطفالًا وذات ليلة جلس الأخوان يتحدثان، فقال الأكبر للأصغر: لقد حان الوقت أن تتزوج يا أخي. فقال الأصغر: لا، بل أنت تتزوج لأن امرأتك لا تنجب.
وكانت زوجة الأكبر تسمع كل هذا فسرته في نفسها.
وبعد أيام قالت لزوجها: أنت دائمًا جالس في البيت ولا ترحم أخاك الأصغر الذي يتبع الإبل بالليل والنهار، فلماذا لا تريحه ولو ظميء واحد.
فقال: أفعل إن شاء الله.
وعندما جاء الأخ الأصغر مصدِّرًا من الماء قال له الأكبر: أنا أسرح مع الإبل هذا الظميء وأنت تستريح. فحاول الأصغر الرفض فلم يستطع، وهكذا كان. وظل الأكبر مع الإبل طيلة الأيام التي في المند وهي غالبًا ثلاثة أيام تسمى غب ورِبع وخِمس، ولما عاد قالت زوجته إن أخاك راودني عن نفسي بعدك. فعلت ذلك نكاية به لأنه قال لزوجها تزوج. فما كان من الأكبر إلا أن أسرع إلى سلاحه وهجم على أخيه، فلما رآه الأصغر فر باتجاه الشرق لئلا يقاتل أخاه الأكبر. وكانت ديار مطير لا تبعد عن كلية شرقًا بأكثر من مسيرة يوم للرجل، فلجأ إليهم وظل معهم وتزوج منهم. ثم حن إلى دياره فأنشد:
يا مرسلي في وسق حِقَّه نَقيَّه … في المَخْرِم الخالي تَنَيَّر تِنيّار
إنصا ربوعي في مدالج كُلَيَّه … ابن السفر ربعي عريبين الأذكار
قول الدَّوِيش اليوم في الأجنبيَّه … يَمَّتْ ديار مُطير واطري بالأمصار
إن كان صدق اللي يقولون فيّه … لومي على نفسي ولا عندي إنكار
وإن كان كذب اللي يقولون فيّه … ينفعني الله فيهم النافع الضار
ولما وصلت هذه القصيدة إلى بني السفر اجتمع منهم قوم وذهبوا إلى مطير،