للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي سنة (٨٣٩ هـ) بعث الشريف أبو زهير بركات بن حسن بن عجلان أمير مكة بعثًا إلى بطون من حرب حول عُسفان نزلت هنا سنة (٨١٦ هـ) وقد أخرجهم بنو لام من أعمال المدينة فكثر عبثهم وأخذهم السابلة من المارة إلى مكة بالميرة، وجعل على هذا البعث أخاه الشريف علي بن حسن بن عجلان ومعه من بني حسن الشريف ميلب بن علي بن مبارك بن رميثة وغيره في عدة من الناس، وسار معهم الأمير أرنبغا أمير الخمسين المركزين بمكة من أماكنه السلطانية وصحبته عشرون مملوكًا فنزلوا عسفان يوم الخميس رابع عشر، لشهر رجب، وقطعوا الثنية التي تعرف اليوم بمدرج علي (١) حتى أتوا القوم وقد انذروا بهم، فتنحوا عن الأرض وتركوا بها إبلًا مع خمسة رجال، فأول ما بدأوا أن قتلوا الخمسة الرجال وامرأة حاملًا كانت معهم وما في بطنها أيضًا، واستاقوا الإبل حتى إذا كانوا نحو النصف من الثنية المذكورة ركب القوم عليهم الجبلين يرمونهم بالحراب والحجارة، فانهزم الأمير أرنبغا في عدد من المماليك، وقتل منهم ثمانية، ومن أهل مكة وغيرهم نحو الأربعين وزيادة وجرح كثير ممن بقي، وغنم بنو حرب منهم اثنين وثلاثين فرسًا وعشرين درعًا، ومن السيوف والرماح والأسلحة والأسلاب ما قيل إن مبلغ ثمنه خمسة آلاف دينار وأكثر، فلما طلعت شمس يوم الجمعة دخل أرنبغا بمن بقي معه من المماليك مكة، وهم يقولون: قتل جميع من خرج من العسكر، فقامت عند ذلك بمكة صرخة من جميع نواحيها لم ير مثلها شناعة، وأقبل المنهزمون أناسًا بعد أناس في عدة أيام، وحُمِلَ الشريف ميلب يوم السبت ميتًا ومات بعده بأيام شريف آخر من جراحه، شوهت وجهه كله من أعلى جبهته إلى أسفل ذقنه، فإنا لله وإنا إليه راجعون (٢).


(١) هي ثنية غزال، التي تنصب على عسفان من الشمال.
(٢) سمط النجوم العوالي، نفس الصفحات. وعندما قتل جماعة أرنبغا المرأة الحامل ومن في بطنها أيضًا لم يقل أحد إنا لله وإنا إليه راجعون.

<<  <  ج: ص:  >  >>