وقيلت روايات أنه طلب الماء فرفض جساس وقال له: من عطشانًا كما بغيت علينا ومنعت إيلنا أن تشرب قبل أن تصدر جميع رعائك، فكتب كليب بدمه على حجر يوصي لأخيه مُهلْهَل أن لا يصالح شيبان بكر بن وائل) إلَّا بدم جساس أو أبيه مرّة أو أخيه همام!! فلما طالبت تَغْلِب بذلك الأمر رفض مُرَّة وقال: الدية ندفعها لكم أو تأخذوا ولدًا آخر به غير جساس أو همام، فقامت الحرب بين بكر وتغلب أربعين عامًا لا تُلقَّح فيها فرس ولا ناقة، فكانت تسمى حرب البسوس وكان يقول العرب عن تلك المرأة مثلا في الشؤم، أي يقولون أشأم من البسوس، وحرب البسوس من أعظم حروب العرب في الجاهلية، وبعد قرابة أربعين عامًا انتهت بانتصار بكر بن وائل بعد تَغْلِب بني تَغْلِب بن وائل في أيام كثيرة، وكان يوم قُضة (التحالق) هو اليوم الحاسم الذي انكسرت فيه تَغْلِب وانتصفت منها بكر. فقال طرفة بن العبد البكري مفتخرًا بهذا النصر الغالي: سائلوا عنا الذي يعرفنا … بقرانا يوم تحلاق اللمم يوم تبدي البيض عن أسواقها … وتلف الخيل أعراج النعُم * ذكر في العبر لابن خلدون أن بني شعبة بنواحي الطائف هم من تَغْلِب بني وائل (ربيعة) من ذرية مُهلْهَل بن ربيعة الفارس الشهير، وذكر فؤاد حمزة في قلب جزيرة العرب أن (بني شعبة) من أصل سوداني ويدعون أنهم من قحطان!! (وهذا خطأ من فؤاد كعادته). قلت: وشعبة بن مُهلْهَل هؤلاء كانوا يسكنون حتى القرن الثامن الهجري في الطائف وهم غير بني شعبة كِنَانة قرب مكة المكرمة والذين ذكرهم الشيخ حمد الجاسر وذكرهم الفيروزآبادي وصاحب معجم البلدان. وذكر بني شعبة بن مُهلْهَل أيضًا القلقشندي في نهاية الأرب؛ ومُهلْهَل هو أخي كليب وشهرته الزير سالم وكلاهما ابنا ربيعة بن الحارث بن زهير بن جُشَم بن بكر بن غنم بن تَغْلِب بن وائل من ربيعة العدنانية. ولا أدري عن بني شعبة هل لهم من بقية الآن في الطائف أم لا؟ وذكر فؤاد حمزة في قلب جزيرة العرب أنهم بدو رحَّل منهم فرعا آل حضرة وآل حثان ويقيمون حول أتود إلى مرتقى وادي ضلع. (١) قال ابن سلام الجُشَمي في شيبان: إذا كنت من بكر بن وائل ففاخر بشيبان وكاثر بشيبان وحارب بشيبان.