إن حلف التآخي والتعاون على البر والتقوى، أمر محمود عرفته القبائل العربية يتركونه ثم يعودون إليه، فكلما قامت دولة للإسلام تحكم بشريعة الله كفتهم عن ذلك، وإذا اضطروا أن يستمدوا قوتهم من اجتماعهم وتكاتفهم أقاموه، وهذا لا اعتراض عليه.
وإنما الذي لا يقره الشرع وتأباه العقول سواء من مُزينة أو غيرها هو أن يسقط اسم قبيلة بكاملها ليضع ضمن اسم جارتها أو حليفتها، وهذا ليس خاصًّا بمزينة بل كثير من القبائل اليوم هذا وضعها، وهذا في الحقيقة لا يلجأ إليه إلا من لم يكن ذا نسب معلوم أو من لم يهتم بنسبه.
والذي نعرفه وتعرفه العرب قبلنا هو أن الحلف أو الجوار لا يسقط اسم القبيلة المحالفة وإنما تبقى القبائل محتفظة بأنسابها وأسمائها وإن كانت مع القبيلة الأخرى متحدة في أمورها الأمنية.
وهذا حينما كانت القبائل تستمد أمنها من قوتها واجتماعها، أما اليوم فنحمد الله على ما نحن فيه، إذ منّ الله علينا بهذه الحكومة المباركة، وأرشدنا بالعلم إلى ما يجب علينا تجاه بعضنا. فاللهم احفظنا بحفظك ولا تغيّر علينا.
والمقصود: أن الحلف معناه: أن كل قبيلة محالفة تسالم من يسالم حليفتها وتعادي من يعاديها لا يغير ذلك من اسم أي منهما أو يجعلها تتسمى باسم حليفتها وسواء في ذلك الفرد والجماعة.
ولهذا لمّا حالف النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه بقي القرشي قرشيًّا والأنصاريّ أنصاريًّا ولم يغيّر ذلك من أسمائهم شيئًا.
ولم يذكر لنا أن قبيلة حالفت قبيلة أخرى فسقط اسمها ضمن اسمها، وهذا لا يحتاج إلى بيان أدلة فهو واضح جلي كما أن دون غدٍ الليلة. ونحن نسوق الأدلة الواردة في الشريعة الآمرة بالاحتفاظ بالنسب وعدم العدول عنه، وهو الذي نريده لقومنا إيضاحًا للحق واتباعًا له، ومن أبى فقد قامت عليه الحجة ولزمته المحجة والحق أبلج والباطل لجلج وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل.