أما فيما يتعلق بعزم الشيخ على الكتابة عن تاريخ قبيلة حرب بما سماه:"النمير العذب من بعض أخبار حرب" فأود الإشارة إلى أن الكتابة عن مثل هذا الموضوع تحتاج إلى سنوات من البحث في المصادر التاريخية والوثائق والمخطوطات والزيارات الميدانية لديار حرب المترامية الأطراف في الحجاز ونجد، ولهذا فإني أرى أن سعة اطلاع الشيخ وغزارة علمه لا تشفع له باستعجال الكتابة عن هذا الموضوع الذي تستلزم الإحاطة به الكثير من الجهد والوقت للوقوف على أخبار هذه القبيلة وديارها ومشيخاتها، فها أنذا قد أمضيت حوالي خمسة عشر عامًا من البحث المتواصل في تاريخ هذه القبيلة حتى بلغ ما اطلعت عليه من المصادر التاريخية ذات العلاقة ما ينيف على ٤٠ مخطوطة و ٥٠ مطبوعة وجمعت أكثر من ٥٠٠ وثيقة تاريخية، ومع ذلك أكتشف كل يوم أنني ما زلت في بداية الطريق، حتى خطر لي أن أُسَميَّ ما توصلت إليه "بداية الدرب في أخبار قبيلة حرب" فكيف يَشْرَع الشيخ في نشر سلسلة: النمير العذب، مع أنه لا يقف إلا على منطقة (البعائث) التابعة لمنطقة حائل والتي لا تمثل شيئًا يذكر بالنسبة لديار وقرى وقبائل حرب الممتدة من (اللَّيث) إلى (حفر الباطن)!
أما فيما يتعلق بما ذكره الشيخ عن أمانة الهمداني وجزمه بأنه (كذّاب وَضَّاع .. إِلخ)، فيحتاج الرد عليه في مقال منفصل، ولحسن الحظ فقد اطلعت على مُسوَّدة بحث جيِّد أعده الأخ الكريم محمد بن فهد الحربي حول هذا الموضوع، أرجو أن ينشر قريبًا لرفع الظلم عن هذا العالم، وإزالة ما تعرض له من التشهير والتشكيك!
وأما عن الطعن في أقوال الهمداني المتعلقة بما ذكره عن قحطانية حرب، فإن هذا هو ما يهمُّني ممَّا سأحاول الوفوف عنده ومناقشة أقوال الشيخ أبي عبد الرحمن وحججه وبيان مدى ضعفها وتناقضها.
وبادئ ذي بدء، لا أدَّعِي أن الهمداني منزَّه عن الأخطاء، فهو بَشَرٌ يعتريه النقص والخطأ كسائر البشر، وما علينا إلا أن نكتشف الخطأ ونرد عليه ونوافق على الصحيح ونعترف به ونقدر صاحبه، لا أن نتهمه بالكذب والتزييف!