ومن الأمثلة على ذلك ما ذكره الأستاذ محمد الطيِّب أيضًا، عن قبيلة الصوالحة السابق ذكرهم، حيث ورد أنَّهُ جاءتهم قبيلة من مُزينة طالبين النزول معهم ضمن الوثيقة المؤرخة في ٣ ذي القعدة سنة ٩٤٩ هـ:( .. وسألهم حميد بن حسَّان كبير الرضاونة من الصوالحة من أين أصلكم؟ فقالوا له: نحن من مُزينة حرب. فقال لهم الشيخ حميد: لا توجد في قبالْل حرب مُزينة، وأما مزينة هي قبيلة كبيرة ومعروفة في بر الحجاز قبل قبايلنا ما ينحدرون من اليمن. . . إلخ).
وقد علَّق الأستاذ الطيب على ذلك بقوله:(وقول الشيخ حميد لرجال مُزينة أن حربا من بلاد اليمن يؤكد أن أجداد الصوالحة حتى عام ٩٤٩ هـ يحفظون أنسابهم ليس إلى حرب ولكن يحفظون نسب حرب إلى بلاد اليمن أي للقحطانية. وهذا يؤكد لنا رواية الهمداني في الإكليل) انظر: "موسوعة القبائل العربية"، لمحمد الطيب ص ٦٢٣ وما بعدها.
ومثال آخر: ما أورده ابن عبد السلام الدرعي المغربي في رحلته الأولى للحج سنة ١١٩٨ هـ حيث يذكر أنه التقى في رابغ بأعرابي من سكان الأبواء من حرب تظهر عليه آثار الصدق والخير وسأله عن أسماء قبائل الحجاز، وبعد أن أخبره الأعرابي قال:(يا سيدي لا تجد بالحجاز قبيلة واحدة ذات شوكة إلَّا وقد حدث سكناها بالحجاز بعد العهد النبوي. . . إلخ) انظر "ملخص رحلتي ابن عبد السلام"، تلخيص الشيخ حمد الجاسر، ص ١٤٨.
الأمر التاسع: أما فيما يتعلق بديار مُزينة قبل مجيء حرب فقد كانت عدة مواضع بعضها تختص بها مُزينة وبعضها تشترك بها مع غيرها، ومن هذه المواضع التي ذكرها أصحاب المعاجم القديمة ما يلي:
قدس وآرة والفرع والمضيق وخضرة والأكاحل ورحقان، انظر كتاب:"قبيلة مُزينة في الجاهلية والإسلام" للأخ مساعد المزني ص ٣٧٨ وما بعدها.
أقول: وأما الفُرع والمضيق فهما الآن من ديار بني عمرو، وأما خضرة والأكحل فمن ديار قبيلة مُخلَّف، وكلاهما من مسروح، وهذا مما يؤيد كلام الهمداني ويؤكده!.