فقال له أبوه: لا بأس يا بني ولكن لا تبتعد عن أخيك وجاوره، وكما تعرفان بأن قومنا بني سُليم يبحثون عنَّا ليثأروا بقتيلهم الذي قتلته فلا تخبرا عن اسميكما لأحد قط.
أما علي الابن الأصغر فقال: أنا وجدت يا أبت ديرة سهل وجبل وهي مفلا شاة ومغرس للنخلة وديرة النحلة وسكانها قوم يقال لهم الحسينات وهي "خلص".
وفي بعض الروايات الأخرى أنه عندما أرسل رعاية أبناءه تخاوى الأخوين حمد ومحمد حتى وصلا الفقرة وكان بها المورعي وله بنتان إحداهما فتاة بكر والأخرى أرملة ومعها ابن لها يتيم، فتزوج حمد الفتاة وتزوج محمد الأرملة وتكفل بابنها.
وأبناء هذا اليتيم من حرب الخولانية لأن اليتيم كان أبوه من قوم المورعي وأطلق عليهم فيما بعد التمم ونشأتهم بدأت مع المحاميد السلميين في وادي الحمض وديارهم الخاصة بهم معروفة حتى الوقت الحاضر. أما رعاية فقد توفي ودفن في الروحاء (١) متوسطًا بين أماكن أولاده، وكان حمد أكبرهم بارًّا به ويزوره من حين لآخر.
وفي رواية أن العبد دليَّان أعتقه عمه قبل وفاته فاستأذن منه وذهب إلى ديار بني سُليم، وكانت البوادي لا تثأر من العبيد نيابة عن أسيادهم لأنه ليس لهم ذنب فلا يجوز منهم القصاص لأنه رقيق.
ويقال إن العبد انتسب إلى أعمامه وتسمى أولاده باسمهم في ديار سُليم. وأما أبناء رعاية فسوف نُفصِّل عنهم عند التعريف بهم في هذا الكتاب، وقد نشرهم الله وأصبحوا في عداد حرب ويعتزون باسم هذه القبيلة حتى الوقت الحاضر إلا أنهم يحفظون أنسابهم إلى بني سُليم.
(١) الروحاء مكان معروف قبل المسيجيد وقد استراح بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.