للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذكورة. لكن أمير الحج التركي أمرَه بالبقاء بمدائن صالح تحت المراقبة، ولم يسمَح له بتجاوزها إلى الأماكن المقدّسة (١).

مكَث داوتي هناك عدة شهور استغلها في تدوين ملاحظاته ونقل النقوش الأثرية وتجول في المناطق القريبة مثل خيبر بالرغم مما تعرض له من مضايقات وأخطار في أكثر من مناسبة. وفي شهر أكتوبر من سنة ١٨٧٧ م (رمضان ١٢٩٤ هـ) وصل دواتي إلى حائل وزار حاكمها الأمير محمد بن رشيد، وبعد شهر تقريبا غادر حائل إلى خيبر بناء على طلب ابن رشيد الذي زوّده بكتاب إلى مندوبه في خيبر. وظلَّ في خيبر شهرين تقريبًا، ثم طلَبَ منه حاكمها العسكري مغادرتها. وعاد داوتي سيئ الحظ إلى حائل فدخلها مرة ثانية في شهر إبريل سنة ١٨٧٨ م (ربيع الأول ١٢٩٥ هـ) لكنه لم يجد الأمير محمد بن رشيد، مما جعله يتعرض لإهانات كثيرة بسبب تعصبه لديانته النصرانية.

وغادر داوتي حائل مع رجلين من قبيلة عنزة أهل خيبر، لكنهما تركاه في منتصف الطريق. وفي حائل كان داوتي يتطلع بشغف إلى زيارة منطقة القصيم لكنه لا يستطيع الإفصاح عن هذا الهدف بسبب الظروف السياسية السائدة والتوتر القائم بين أهل القصيم وابن رشيد. وعند مضيفه الجديد تسقّط داوتي الأخبار، وسأل عمّن يوصله القصيم فقيل له لا يستطيع ذلك إلا خلف بن ناحل من حرب. فكان هدفه التالي الوصول إلى ابن ناحل. وبعد عدة محاولات ومغامرات تمكن من الوصول إلى خلف بن ناحل في شهر ربيع الأول من سنة ١٢٩٥ هـ، ومن هناك إلى بريدة ثم عنيزة، حيث زار أميرها زامل وبقي هناك حوالي شهرين إلى أن غادر القصيم في ٥ يوليو ١٨٧٨ م (الموافق ٦ جمادى الثاني ١٢٩٥ هـ) برفق قافلة تجارية إلى الحجاز. وبعد رحلة طويلة وشاقة وصل إلى القنصلية البريطانية في جدة في ٣ أغسطس ١٨٧٨ م، لتنتهي بذلك فصول تلك المغامرة العربية. وبعد ذلك رجع داوتي إلى وطنه وتزوّج وأخرج مذكّراته. واعتبرته بريطانيا بطلا قوميا بسبب تلك المغامرات الاستكشافية التي قام بها داوتي معتمدا على جهوده الذاتية


(١) انظر عن داوتي: كتاب الرحالة الغربيون في الجزيرة العربية، تأليف د. رُوبن بيذول، ترجمة د. عبد الله آدم نصيف، جامعة الملك سعود ١٤٠٩ هـ، ص ٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>