ندرك من هذه الأحداث التي ساهمت فيها جهينة أن العلاقة بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتلك القبيلة هي صلات أمن وسلام ومساهمة في الجهاد وقد تجلت جهينة في فتح مكة المكرمة في السنة الثامنة من الهجرة، إذ بلغ عدد أفراد جندها ألفًا وأربع مائة مقاتل وكان يقود جهينة وقتذاك سيف الله خالد بن الوليد، وقد دخل بها من أسفل مكة.
ولقد امتد تأثير جهينة السياسي على مدى التاريخ الإسلامي، حينما شاركت في زحف الجيوش الإسلامية على مصر والسودان والشام والعراق، وشاركت في أكثر الفتوحات.
وكان لجهينة دور واضح في أحداث التاريخ في العهد العباسي، ونجد دورها الواضح في ثورات الطالبيين في الحجاز ولا سيما ثورة محمد بن عبد الله بن الحسن أخو النفس الذكية، حينما خرج على الخليفة أبي جعفر المنصور من رضوى (١) بمنطقة ينبع، إذ ساندته جهينة مساندة كبيرة وخرج كثير من أفرادها معه إلى المدينة وحاربت معه ودافعت عنه، والمتتبع للتاريخ يجد أن جهينة تساند وتناصر دومًا آل البيت من الطالبيين في كل تحركاتها ضد العباسيين.
وفي أنساب السمعاني ما يؤكد لنا بأن جهينة بلغت من القوة في مصر في العهد الأموي، مما جعل لها شخصية في قوة معاوية يحسب لها ألف حساب فسند إليها أهم الأعمال العسكرية وهي ولاية الجند إذ تولى عُقبة بن عامر الجهني حكم مصر.
وكان لجهينة في العراق مركز ثقل بالكوفة يدل على ذلك بالكثرة بالنسبة لارتباط اسم جهينة بهذه المدينة وبوجودها فيها كانت عنصرًا رئيسيًّا في شرطة الأمويين بالكوفة.
ولعل من مواقف جهينة المُشرِّفة في مصر يوم تولى السلطة المماليك وحاولوا فيما يبدو إقصاء العناصر العربية عن وظائف الدولة وأظهروا أن هذا العنصر غير مرغوب فيه وبدأوا يضطهدونه فحمل هذا العنصر على الهجرة من مصر، وهنا بدأ