للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جهينة في مجلة العرب .. الشام المدلول اللغوي القديم الذي يشمل القطر من الحجاز إلى بلاد الروم، في هذا الجزء انتشرت أقسام من جهينة منذ الفتوحات الإسلامية، وفي العراق انضم عدد كبير من جهينة تحت راية الجيوش الإسلامية الفاتحة عند غزو العراق واستوطن بعض الجهنيين الكوفة وأصبح لهم في مدينة الكوفة حي كبير يسمى جهينة، وفي ناحية الموصل من العراق قرية تقع على نهر دجلة وعندها مرج يسمى مرج جهينة، وذكر ابن فضل العمري في كتاب مسالك الأمصار أن بمدينتي حلب وحماة بالشام قومًا من جهينة، وفي بلاد مصر عندما جهَّز عمرو بن العاص لفتح مصر انضم إلى جيشه فريق من جهينة، ويقول الجاسر في بحثه عن قبيلة جهينة وصلتها بمصر: (أنه لا يستبعد صلة قبيلة جهينة بمصر قبل هذا العهد لمجاورة بلادهم لها).

ونعود إلى جهينة وما يذكره المؤرخون من أن جهينة ونهدًا وسعدًا أقاموا بصحاري نجد وقتًا من الزمن ثم وقع بينهم سوء فرَّقهم، فانتقلت جهينة إلى الحجاز وسكنت مساكنها التي لا تزال فيها وكان يسكنها حين انتقال جهينة إليها بقايا من قبيلة جُذام فأجلتهم جهينة ونزلت تلك البلاد، وينقل لنا البكري قائلا: وتلاحقت قبائلهم وفصائلهم فأصبحت نحوًا من عشرة بطون وتفرقت جهينة في تلك البلاد، وهي الأشعر والأجرد وقدس وآره ورضوى وصندد، وانتشروا في أوديتها وشعابها وأعراضها، وفيها النخل والزيتون والبان والياسمين والعسل وأنواع من الأشجار الأخرى، وأسهلوا إلى بطن أضم وأعراضه وهو واد عظيم تدفع فيه أوديته ويفرغ في البحر الأحمر، وذو خشب وتيدد والحاضرة وتعبقاء والمصلى وبدر وودان وينبع والحوراء، ولعلني أشير هنا إلى أن الحوراء هي ميناء قديم بالقرب من ميناء ينبع وربما كان موضعه أقرب إلى ميناء أملج، ونزلوا ما قبل الروحاء والرويثة ثم استطالوا على الساحل، وامتدوا في التهائم وغيرها حتى لقوا بليًا وجُذام بناحية حقل من ساحل تيماء ولم تزل جهينة في تلك البلاد إلى أن جاء الإسلام وهاجر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأشار المؤرخون أن قبيلة بلي سكنت منازلهم في شمال الحجاز قبل جهينة ولعله من المتعارف عليه أن جهينة وبليًّا يجمعهما جد واحد، وهو الحاف بن قُضاعة وانتقال القبيلتين إلى الحجاز ربما كان في وقت متقارب وهو قبل تفرُّق الأزد بعد خراب سد مأرب في اليمن، وليست القبيلتان من الأزد كما توهم بعض المؤرخين المتأخرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>