للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي جنوبه عقدة الجوف يقول أبو الطيب المتنبي:

وجابت بسيطة جوب الرداء … بين النعام وبين المها

إلى عقدة الجوف حتى شفت … بماء الجراوي بعض الصدى

ولاح لها صور والصباح … ولاح الشغور لها والضحى

ومسى الجميعي دئداؤها … وغاد الأضارع ثم الدنا

وأما تسمية هذا الوادي بوادي السرحان وقرب هذه التسمية فإلى جانب ما قالته المصادر نسبته إلى السرحان قبل مائتي سنة تقريبًا، فإن ذلك أيضًا ثابت لدى قبيلة الشرارات حيث يؤكد حفظة هذه القبيلة ورواتها أن تسميته بوادي سرحان لا مجال للجدل فيها أو الخوض فهي تسمية قريبة - جاءت نسبة إلى اصطدام قبيلة السرحان بقبيلة الشرارات إثر نزوح الأولى من منطقة حوران إبان حربها مع محفوظ السردي (١) تلك هي حقائق التاريخ ليس في مقدور أحد أن يغير شيئًا منها، ومن عادة هذه القبيلة أنها تبدل أسماء المواقع بأسماء الأحداث التي مرت بها، وبلاد الشرارات ملأى بالمواقع والأحداث التي خاضتها مع غيرها، وما من شك بهذا القول فعليه أن يكلف نفسه عناء رحلة لا تدوم إلا أيامًا قلائل عبر بلاد الشرارات ومراعيها. وعندها سوف يأتي على جبال وأودية وتلاع (٢) وخباري (٣) وطعوس (٤) سميت جميعها بأسماء من قتلوا فيها أو ماتوا نتيجة وباء أو دارت فيها معارك أحد أطرافها الشرارات، فجاءت هذه التسمية لذلك الموقع من هذه القبيلة نفسها، وتلك هي سمة من سماتها، حيث استوطنت أسر من السرحان عيون القريات: أثرى، كاف، منوة. واجتاز آخرون هذا الوادي ليستوطنوا بالجوف. أما قبيلة السرحان كبادية فقد كان لها بعض المناوشات مع أهل هذا الوادي (الشرارات) الذين يرون ارتباطهم بمواردهم ومراعيهم كارتباط أهل المدن بمدنهم وأهل القرى بقراهم.


(١) تاريخ شرق الأردن وقبائلها ص ٣٢٨ لفدريك. ج بك.
(٢) مجاري السيول الضيقة وروافد الأودية.
(٣) هي منخفص تتجمع فيه مياه الأمطار فتشكل طبقة رسوبية تحفظ الماء على السطح خلال الشتاء.
(٤) وفي اللغة دعص والجمع أدعاص ما يبرز من الكثبان الرملية.

<<  <  ج: ص:  >  >>