وقد اعتمدت هذه الحملات في مناطق الشمال على قبيلة الشرارات بصفة أساسية وفعّالة لما يمتلكه هؤلاء البدو من الإبل الوفيرة السريعة العدو لتمكين القوات من سرعة التنقل حاملة ذخائرها وتموينها، وثانيا وهو الأهم لجرأة فرسانهم وثباتهم في الحرب والقتال أمام العدو. وبرز من قبيلة الشرارات في هذه الحملات الفارس بشير بن ضبيعان (١) من الضباعين وكان عقيد حرب عن قبيلته وتابعًا للدولة، وقد كان له دور مشرف في تأديب هؤلاء العصاة وإخضاعهم، ومن ثم تثبيت منهاج الحق والشرع الإسلامي والسير على مبادئ الدين القويم، وكذلك برز من قبيلة الشرارات في توطيد الأمن في المنطقة الشمالية الفارس والعقيد بشير الأشدف من الضباعين وكذلك الفارس والدليلة المشهور مقبل بن مطرود من العزام من الشجعان، حيث كان لهما دور بارز وماضٍ مشرف بقيامهما بمهمات كبيرة لمكافحة الإجرام أيام الحركات التي حاولت العبث بأمن البلاد أثناء توحيد المملكة، وكانت هذه الخدمات الجليلة من الشرارات محل الثقة والتقدير من جانب حكومة الملك/ عبد العزيز - رحمه الله - لهذه القبيلة وإعطائها جانبا كبيرًا من الاهتمام، حتى غدت ديارها من أزهى مناطق الشمال في خلال عقود قليلة من الزمان في عهد خلفاء الملك/ عبد العزيز أيدهم الله بنصره لرفعة هذه البلاد الكريمة والعزيزة.
وأقول: إن هذا التأييد من جانب قبيلة الشرارات وكونها تعد من أبرز القبائل في الجزيرة العربية؛ والتى سارعت ولبت نداء الجهاد مع صقر الجزيرة الملك/ عبد العزيز ليدل دلالة واضحة على الحس الوطني العربي الأصيل؛ والولاء لباعث نهضة هذه الأمة، وابن هذه العائلة الكريمة (آل سعود)، الذين ظلوا مئات السنين يجاهدون من أجل هذه الغاية، وتطبيق الشريعة، وتوحيد الجزيرة، حتى تحقق بعون الله سبحانه وتعالى على يد هذا الأسد، والذي نصره الله وأعزه ليقود هذه القبائل المتناحرة، ويوحد كيانها في دولة فتية عربية شامخة، تفيض فيها الخيرات على قدومه وتزدهر البلاد وتنعم، في عصر هو بحق من أزهى العصور على بلاد الحرمين وعلى أنحاء جزيرة العرب، وهكذا كان حدس الشرارات صحيحًا في صدق دعوة الملك عبد العزيز، وقد صدقوا معه مثل كثير من القبائل التي حاربت بجانبه.
(١) أهم المعارك التي شارك فيها معركة (علّقان) الشهيرة بالقرب من حقل على خليج العقبة.