للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عبد الله بن مسعود الذي ولاه عمر بيت المال فيها (١)، فنزل بها، وابتنى فيها دارًا إلى جانب المسجد (٢).

وقد كان لابن مسعود منزلة علمية رفيعة، فأقبل عليه الكوفيون يأخذون عنه العلم، وكأنما قد زادهم تحفيًا به، وإقبالًا عليه ما رأوه من تقدير الخلافة له، وإعظامها لشأنه، فقد كتب إليهم أمير المؤمنين عمر: "إني بعثت إليكم بعبد الله بن مسعود معلمًا ووزيرًا، وآثرتكم به على نفسي فخذوا عنه" (٣).

وإلى جانب كونه فقيهًا كان محدثًا، وكان من الأعلام المشهورين في علوم القرآن وقراءاته، وقد أقبل عليه الكوفيون، وتلمذوا له في هذا الفرع من الدراسات القرآنية، وكان كثيرون منهم يفضلون قراءته على غيرها (٤) بل كانوا يتعصبون لها تعصبًا شديدًا، وتخرّج منهم على يده ويد تلاميذه كثير من مشاهير علماء القراءات في الكوفة من أمثال زرّ بن حُبيش تلميذ ابن مسعود نفسه، وأبي بكر بن عياش، وعاصم بن أبي النَّجود أحد القراء السبعة، وشيخ الإقراء بالكوفة في عهده (٥)، ومنهم سليمان بن مهران الأعمش (٦)، ويحيى بن وثاب، وأستاذه مسروق (٧)، وطلحة بن مصرِّف (٨)، وغيرهم كثير (٩). وكذلك الربيع بن خيثم الكوفي التابعي أخذ القراءة عن ابن مسعود (١٠)، وأبو عمرو الشيباني عالم اللغة المشهور بالكوفة، والذي كان يقرئ الناس بمسجدها له أيضًا رواية عن ابن مسعود (١١)، ثم إن حمزة وهو أحد القراء السبعة تنتهي قراءته إلى ابن مسعود (١٢)، والمفضل


(١) الأخبار الطوال ص ١٢٩، الزركلي: الأعلام ٢/ ٥٨٥.
(٢) طبقات ابن سعد ١٠/ ١١.
(٣) المرجع السابق ٣/ ١١١.
(٤) طبقات القراء ٢/ ٣٨٠.
(٥) طبقات القراء ١/ ٣٤٦.
(٦) المرجع السابق ١/ ٣١٥.
(٧) المرجع السابق ٢/ ٢٩٤.
(٨) المرجع نفسه ١/ ٣٧٧.
(٩) المرجع نفسه ١/ ٣٧٧، ٤٥٨.
(١٠) نفس المرجع ١/ ٢٨٣.
(١١) شذرات الذهب ١/ ١١٣. طبقات القراء ١/ ٣٠٣.
(١٢) المرجع الأخير ١/ ٤٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>