للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحد، فسميت خطتهم مجتمعين بخطة أهل الراية، وهم جماعة من قريش، والأنصار، وخزاعة، وأسلم وغيرهم، ولم يكن من بينهم هذيل، وفي هذا ما يدلّ على أنها وإن فاقها غيرها من بعض القبائل العربية في عدد الفاتحين من أبنائها - لم يكن عدد الفاتحين منها قليلًا، فكان لها وحدها خطة باسمها، ولم تكن من بين أهل الراية هؤلاء (١)، وكانت خطة هذيل مجاورة لخطة بني شبابة من قبيلة فهم القيسية (٢)، ويذكر المقريزي أن من خطط الفسطاط كانت خطط الحمراوات الثلاث، وهي خطط بليّ، وفهم، وعَدْوان، وبعض الأزد، وهذيل وغيرهم.

ثم يذكر أن خطة هذيل كانت من مساكن خطة الحمراء الوسطى بين هذه الحمراوات الثلاث، ويجاورهم فيها خطة بعض الأزد، وخطة عدوان من قيس (٣).

فكما قدّر لهذيل أن تكون مساكنها في الجزيرة العربية مجاورة لبعض القبائل مثل فهم وعدوان وغيرهما، فإنها كان أيضًا تجاور بعض أولئك وهؤلاء في مساكنهم بالفسطاط، فهل هذا محض اتفاق، أو أن النفوس تهفو دائمًا إلى من ألفت كما يقضي بذلك ناموس الحياة؟.

ويسوق ابن عبد الحكم في كتابه "فتوح مصر" أنه إذا جاء وقت الربيع واللبن كتب عمرو إلى كل قوم بربيعهم ولبنهم إلى حيث أحبوا، فكانت هذيل تأخذ في بوصير، وكانت عدوان تأخذ أيضًا في بوصير (٤)، ونجد مثل هذا تمامًا عند المقريزي في خططه، وفي الخطط التوفيقية أيضًا نقلًا عن المقريزي (٥). وهذا يؤكد التجاور بين هذه الفبائل المتقاربة في طابعها، وأثرها في البيئة الجديدة.


(١) المقريزي: الخطط ١/ ٢٩٦.
(٢) فتوح مصر ص ١٢٠.
(٣) المقريزي: الخطط ١/ ٢٩٨.
(٤) فتوح مصر ص ١٤١.
(٥) الخطط التوفيقية ١٠/ ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>