الكويت، وتركوا البداوة وأقبلوا على المدنية والعلم حتى غدا منهم العلماء في أرفع الدرجات، وشاركوا في الحكم بنصيب كبير، كما برعوا في الملاحة والتجارة، وجالوا بين شرقي إفريقيا والسواحل الهندية.
وليس من المفارقات أن نجد بني خالد في الجنوب وشماليهم آل عدوان ثم العوازم وعُتيبة وحرب، فإن آل عدوان وشبابة كما ذكرنا، إخوة سكنوا السراة مجتمعين، ولا عجب أن يتجاوروا هنا في الكويت كإخوة متحابين أيضًا.
ويسكن منطقتنا هذه خليط متجانس لقبائل شتى، وقد نشأت كِنْدة، ثم بنو هلال ثم هوازن واختلطت بقاياها، وقد برزت بطون وأفخاذ توالت السلطة عرفنا منهم هنا: بني لام (طيئ) ثم عَنَزة ثم مُطير ثم قحطان ثم بني خالد، ثم خلفهم هنا في الكويت بنو عُتبة إلى يومنا هذا (يقصد أن آل الصباح حكام الكويت من عُتبة).
وأضاف الصانع: وعرفنا أن لبرقا من هوازن (ضمن قبائل عُتَيْبة الآن) مكانة سجلها الشعراء في الجاهلية كما ذكرنا، ومرابعهم باقية إلى يومنا هذا، كما عرفنا من المهاجرين العُجمان - آل يام (أصلهم من يام القحطانية من بلاد نجران) وكذلك الرشايدة من عبس، وقناعة وهاجر ومرّة وتميم وغيرها.
وقد استقرت هذه العشائر في القرين - الكويت - واتخذت لها أحياء متقاربة، فوجدنا بني خالد وعَنَزة والمطران والعوازم والصوابر من العوازم، وقحطان وعُتيبة وحرب والرشايدة، وبينها سكيك تسمى بأسمائها، وقد هدمت هذه الآثار ولم يبق إلا قلة منها، ولعل الكويت - قصر السيف - وهذه المساجد هي الوحيدة التي ستبقى لتروي لأبنائنا قصة المشيخة التي حولها أبناؤها بهمتهم إلى دولة واسعة رخيّة.