بينهم وبين قبيلة الحمدة، قال: "ومما اتفق في هذا العام - يعني عام ١٠٨١ هـ - أن رجلا من قبيلة النفّعة يسمى عُمير، ويكنى بأبي شويمة قتل جماعة منهم اثنان من ثقيف من قبيلة تسمى الحمدة، ولهما إخوة وبنو عم فكانوا في طلبه يتحسسون الأخبار، فدخل في هذه السنة بلدهم وجاء راكبًا جواده ووقف إلى قبة الحبر وزار ثم دخل إلى السوق فرآه بعض أقارب القتيل فصاح به وضربه ضربة أدَّرَقها ثم ضرب فرسه فقطع عرقوبها فحركها فلم تطاوعه للفرار فسقط إلي الأرض فلحقه وقد صدمه الجدار فضربه ثالثة على أم رأسه فشقه فبرك عليه وأراد ذبحه فمنعه الحاضرون، ثم قام نحو الخلاء وهو في سكرات الموت، فصاح الصائح: الحقوا غريمكم قبل الفوت فتلاحقه الرجال يرمونه بالحجارة والنصال حتى سكن أنينه.
وكانت هذه الواقعة يوم الخميس رابع ربيع آخر، ثم إن أولاد عمير المذكور صاحوا في عشيرتهم وذويهم واستثاروهم على قتلة أبيهم، فأتاهم بنو سعد وعُتيبة وجمع من العربان، ثم اجتمعوا وتهيأوا للقتال. وحصل في الطائف القيل والقال، فاجتمعت ثقيف واستنصروا حلفاءهم لما بلغهم وصول القوم إلى ليّة ونواحيها، وبالقرب من القوم قبيلتان من ثقيف هما بنو محمد (١) وثمالة، فتوجهوا نحو القوم فأخذ القوم ينهزمون إلى أن وصلوا إلى عبَّاسة بالخداع منهم والاحتيال، وهؤلاء البعض منهم والبعض الآخر كَمُنَ واختفى وراء الجبال حتى توسطت ثقيف، فإذا القوم منعطفون عليهم والكمين خارج إليهم، فاحتاطوا بهم فقتلوا الرجال وأخذوا الأموال وأمسكوا جماعة عندهم مأسورين وهرب باقيهم، ثم إن القوم نزلوا إلى القرية وأخربوها وأخذوا الحبوب وقطعوا الثمار وأحرقوا بعض الدواب بالنار، وكان بالقرية أولاد الشريف وحاكم الشريف فأرسلوا إليه فعرفوه.
(١) بنو محمد اليوم غير معروفين وأظنهم الصخيرة لقربهم من ثمالة.