للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد حدث في إحدى السنين أن أخصبت أراضي غزة خصبًا لا مثيل له من قبل، فطار صيت مراعيها. وارتادها الرواد من كلّ جانب، وكان من بينهم بنو عُقبة المار ذكرهم، فلما وصل خبر عزمهم هذا إلى مكان بلاد غزة الجبارات (وقد كان الوحيدي قائدهم) أخذ هؤلاء يفكرون في أمرهم، ولما كان عددهم قليلًا بالنسبة إلى بني عُقبة ولا قبل لهم بمحاربة الغزاة، لجأ كبيرهم الوحيدي إلى حيلة، وهي أنه أرسل إليهم فتاة (مطيرية) جميلة من مطيرية الدويش كانت طنيبة لديهم، وأمرها بأن تتظاهر بالطنب على (داود) لعلمهم بأن (سعود بن مسعود) كان مغرمًا بالنساء ولا بد أن يسعى لأخذها من داود، فيقع قتال بين الاثنين ويضعفان، وهذا ما وقع، إذ أطنبت الفتاة على (داود) عندما كان هذا وابن عمه وجيوشهما يردون جميعًا ماء الحصب في وادي العربة. وفي هذه البرهة كان سعود يلعب (المنقلة) مع عبد من عبيد ابن عمه داود بجانب شجرة الحصب، فوردت الفتاة الماء وأخذت تشرب منه وهي سافرة، فرآها وأعجب بجمالها، ولما رأى العبد انشغال فكره سأله قائلًا: "ما تري يا حباب أي يا سيدي" (١)؟

قال سعود:

ما قال ابن مسعود شاف نظره

غزال ما بين الحنايا شقى بها

فالتف العبد إلى المطيرية ولما رآها أنشد يقول:

مطيرية يا أمير ما هي لنا من قبيلة

ولا هي من حمانا لك نجيبها


(١) قلت: هذا الحوار في الشعر كان بين أميرين هما داود العقبي وسعود المسعودي، وليس بين العبد وسيده داود كما يروي هنا عارف العارف، وليس من المعقول أن يقول العبد: (وَلَا هي من حمانا) فليس العبد له حمى ولا يحمي نفسه بل هو في حمى سبيده فكيف به يحمي الآخرين.
والشعر لداود العقبي أمير بني عُقبة مع نظيره سعود المسعودي كما تقدم سرد ذلك في قبيلة المساعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>