الجيش بالهزيمة، فنهاهم ضرار بن عمرو الضبي، وقام بأمر الناس، فقاتل هو وبنوه قتالًا شديدًا.
فلما رآه أبو براء عامر بن مالك وما يصنع ببني عامر هو وبنوه حمل عليه - وكان أبو براء رجلًا شديد الساعد - فلما حمل على ضرار اقتتلا؛ فسقط ضرار إلى الأرض، وقاتل عليه بنوه حتى خلَّصوه وركب، وكان شيخًا، فلما ركب قال: من سَرَّهُ بنوه ساءته نَفْسُه.
ثم جعل أبو براء يُلِحُّ على ضرار طمعًا في فدائه، وجعل بنوه يَحمونه، فلما رأى ذلك أبو براء قال له: لتموتنَّ أو لأموتنَّ دونك، فأحِلني على رجل له فداء، فأومأ ضرار إلى حبيش بن دلف - وكان سيدًا - فحمل عليه أبو براء فأسَرَه.
وكان حبيش أسودًا نحيفًا دميمًا، فلما رآه كذلك ظنه عَبْدًا، وأن ضرارًا خدعه، فقال: إنا لله، أَلا في الشؤم وقَعْتُ! فلما سمعها حبيش منه خاف أن يَقْتُله، فقال: أيها الرجل، إن كنت تريد اللبن فقد أَصبته، وافْتدى نفسه بأربعمائة بعير، وهُزِم جيش النعمان.
ولما رجع الفل إليه أخبروه بأسر أخيه وبقيام ضرار بأمر الناس، وما جَرَى له مع أبي براء، وافتدى وبرة الكلبي نفسه بألف بعير وفرس من يزيد العامري فاستغنى يزيد، وكان قبله خفيف الحال.