بضرب منَّاع أخي منيع أثناء رعيه للأغنام فقتله، فأخبر نصير أخاه ناصرًا وقررا الجلاء من وجه منيع ابن عمهم كي لا يتمكن من الثأر بأخيه منَّاع، وظل ابن عمهم حجاج مجاورًا لمنيع في غزة، أما هما فتوجها جنوبًا قرب وادي الليف بشمالي الحجاز ونزلوا على جماعة من قبيلة بلي القُضاعية، وكان نصير متزوجًا من قومه، أما ناصر فكان أعزبًا، وكان عند البلوي النازلين في جوارة ابنة ظروة أي بها خصلة من الشعر الأبيض في مقدمة رأسها وكانت تشتهر بالذكاء والجمال دون أخواتها، ولذلك اختارها أبوها زوجة لناصر السويركي حتى ترفع رأسه أمام هؤلاء الغرباء عن قبيلته، ومرت الأيام وعقب ناصر من الفتاة (الظروة) البلوية أولاد كثيرون فسموا "عيال الظروة" وسوف نوضح عن ذلك:
وذات يوم قام جماعة من بلِّي في شمالي الحجار وهم رهط صهر ناصر السويركي قاموا بالغزو على بلاد غزة ونهبوا الإبل والأغنام من بعض العشائر هناك وهذا على عادة البدو وقتئذ، وكان ضمن الإبل المنهوبة بعض الأبعرة لأبي حجاج وهو من أبناء عم ناصر ونصير من السواركة، فلما عرف نصير الخبر ورأى وَسْم الإبل وتعرَّف عليها أنها من إبل أبناء عمومته في غزة قرر عدم الجلوس في مجلس أصهاره من بلِّي وخاصمهم، فلما سألوه عن سبب ذلك أخبرهم بالأمر، فقرروا رد الإبل إلى أبي حجاج السويركي كرامة لناصر صهرهم وأخيه نصير، وهذا على عادة العرب من احترام الجار والصهر أو ذوي الرحم، فكتب مكتوبًا لابني عمه أبو حجاج مع الإبل المرسلة له بعد نهبها من بلِّي بفترة وجيزة، فلما عرف أبو حجاج مكان ابني عمه نصير ونصار وعملهما الجميل معه في رد ماله رق قلبه وقرر رد الجميل لهما، فجلس ذات يوم ابن عمه منيع وهما يلعبان السيجة - وهي لعبة البدو المعروفة - فقال أبو حجاج لمنيع: يا ولد عمي أشرط عليك شرط: إن غلبتك تصير كفيل بالطلب الذي أطلبه منك فرد منيع قائلًا: أي والله يا ولد عمي إن غلبتني في اللعب حياك الله أنا كفيل، فلما غلب أبو حجاج منيع قال له فجاة وبصوت عال: في وجهك الجيرة يا منيع من نصير ونصار عيال عمنا السواركة الجاليين من دم أخيك منَّاع وهم عند بلِّي في الليف وردَّوا علينا الإبل المسلوبة، فلما عرف منيع حيلة أبو حجاج رفض الطلب من قبول الجيرة منه وبالتالي قبول الدية في دم أخيه، ولكن أبو حجاج صمم وذكره بقسمه بالله وبالكفل الذي قطعه