للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الركيك هو تكرار خطئه في أنساب بعض العشائر والقبائل خلاف الحويطات، وذلك في ذات المخطوط المُسمَّى "درر الفرائد المنظمة" وسوف نصححها تاريخيًا.

ونود أولًا التوضيح بأن الجزيري هذا رحالة في طريق الحجِّ وليس نسَّابة متخصصًا في علم النسب، وقد شارك في عدة رحلات للحج إبان القرن العاشر الهجري، ودون في مخطوطه معلومات تاريخية وجغرافية، وهي معلومات قد جمعها من عدة مصادر مختلفة، أما ما ذكره عن أنساب بعض القبائل في شمال غرب الجزيرة بالمملكة العربية السعودية والتي مرَّ بها في طريقه للحج، فقد وضح من سرده أنه قد حصل على هذه المعلومات من مصادر غير ذي ثقة، لما فيها من تناقض وتضارب، وقد أهمل معظم الباحثين في هذا القرن ذلك المخطوط واستبعدوه نهائيا كمصدر ثقة في علم النسب في القبائل والعشائر التي تطرق إليها في مخطوطه، ومن جانبي كباحث في هذا الميدان أرفض ما ورد في هذا المخطوط كحجة نسب قاطعة؛ لأنَّ الجزيري تخبط بصورة جلية وذكر أن الحويطات ما هم إلَّا عشيرة من بني عطية، وبني عطية نفسها فرع من بني عُقبة، وأما المساعيد فتركهم في مهب الريح ولم يحسم أمرهم، فذكرهم مرّة كعشيرة من بني شاكر ومرة كعشيرة من بني عطية وتارة أخرى كبطن من بني عُقبة!!.

وقد فحصت وراجعت هذا المخطوط في دار الكتب المصرية بالقاهرة على شاشات الميكروفيلم، واتضح لي أن شق الأنساب بالذات قد اعتراه التناقض والالتباس، ولمحات الأنساب بالنسبة لمخطوطه الطويل السرد كثير التشعب، وقد اختلطت معلوماته الجغرافية عن المواضع والأماكن بمعلومات أخرى تاريخية وأشعار وقصص، والخطوط في مضمونه العام متشابك وليس به يسر أو سلاسة، وإن الرحَّالة لو ركز على النواحي الجغرافية وسرد أحداث الرحلة تَسْهُل على المرء فهمها واستيعابها، ولكن سرد الجزيري بالكم الهائل من المعلومات المتداخلة في بعضها وغير المنسقة تشتت العقول. وهذا يؤكد لنا أن معلوماته في الأنساب عارضة وليست هدفًا رئيسيا له، ولهذا كان نقله للأنساب بدون حرص أو عناية تذكر وبدون إدراك للمسئولية الجسيمة التي تمس أنساب وأحساب القبائل، وهذه المسئولية لا يدركها سوى النسَّابين المتخصصين في هذا العلم، فإنهم حتمًا يكونون أشد حرصًا في ذكر أنساب القبائل والتقصي عنها قبل تدوينها في مصنفاتهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>