للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أغلب المؤرخين أن سكان الجبلين حاليًا هم اسلاف قبيلة طيئ ولاسيما قبيلة شمَّر المعروفة التي هي بطن من بطون طيئ كما سيرد ذكر ذلك.

هكذا في اللمحات السابقة أوردت هجرة طيئ وسكناها الجبلين وهو ما يعرف حاليًا بمنطقة حائل وذكرت أنَّها استقرت وتكاثرت حتى أصبحت قبائل عديدة، وبما أن السمة الغالبة للقبائل العربية في هجراتها هي البحث عن الخصب والماء والمراعي فإن هذا البحث والتنقل كثيرًا ما يكون سببًا للخلافات والحروب بين القبائل بل بين بطون القبيلة الواحدة، وتاريخ القبائل العربية مشحون بمثل تلك الحروب وأيامهم (أيام العرب) تجاوزت الحدود فكلها قتال وصراع ومعارك الأتفه الأسباب مثل داحس والغبراء والبسوس وغير ذلك، وقبيلة طيئ عاشت حروبًا طاحنة فيما بينها وبين القبائل المجاورة لها مثل قبيلة أسد وتميم وبني عامر وغَطَفان وغني وعبس وذبيان وعاملة، وقد ذكرت تلك الحروب كأيام في عرف القبائل مثل يوم ظهر الدهناء مع أسد ويوم النسَّار مع بني عامر ويوم الجفار مع بني عامر وتميم، ويوم أواره مع تميم ويوم حجر مع غني، ومن أشهر المعارك التي بين طيئ وعبس هي التي قتل فيها عنترة بن شداد وقيل أن قاتله هو جبار الطائي (ابن سُلمى) (١)، وقد استشهد جبار لذلك بقوله:

قتلت مجاشعا وقتلت عمرًا … وعنترة الفوارس قد قتلت

أما حروب طيئ فيما بينها فقد كثرت وطال مداها وهي معروفة باسم (حرب الفساد) وهي الحروب بين الغوث وجديلة، وحرب الفساد لَمْ تكن يومًا واحدًا من الحروب من أيام العرب بل هي فتن داخلية دامت قرابة مائة وثلاثين عامًا (٢) حتى تدخلت قبائل أخرى للصلح وحقن الدماء حيث سعى الحارث بن جبلة الغساني للصلح بين بطون طيئ.

ولقد كانت تلك الحروب سببا قويا أدي لتشتت القبيلة وضعفها وهجرة البعض منها إلى جوار القبائل الأخرى كما حدث لجديلة التي دخلت في حلف مع قبيلة كلب القضاعية واستوطنت بلاد كلب وذلك على أثر هزيمتها في يوم اليحاميم.


(١) تاريخ طيئ وأخبارها ج ١ د. وفاء السنديوني ص ٧٣.
(٢) المسعودي التنبيه والأشراف.

<<  <  ج: ص:  >  >>