للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هناك عدة روايات حول عودة عديّ بن حاتم الطائي ودخوله في الإسلام، إحدى هذه الروايات تقول أن أخته سفانة عندما أخلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبيلها وأكرمها عادت إلى مواطنها ثم سارت نحو الشام (١) فالتقت بأخيها وقالت له: القاطع الظالم احتملت بأهلك وولدك وتركت بنية والدك وعورته. فقال لها عديّ: ماذا ترين في أمر هذا الرجل؟ قالت: أرى والله أن تلحق به سريعًا فإن يكن الرجل نبيًّا فالسابق إليه له فضيلة، وإن يكن ملكًا فلن نذل في عز اليمن وأنت أنت.

عندها انطلق عديّ وتوجه للمدينة ودخل على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فسلَّم وأسلم.

وهناك رواية أخرى تنسب لعدي بن حاتم نفسه حيث قال (٢): مضى بي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى إذا دخل بي إلى بيته تناول وسادة من أدم محشوة ليفًا فقدمها إلى فقال: اجلس على هذه، قال: قلت بل أنت فاجلس عليها، فقال: بل أنت، فجلست وجلس رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالأرض، قال: قلت في نفسي والله ما هذا بأمر ملك، ثم قال: إيه يا عديّ يا ابن حاتم ألم تك ركوسيا؟ قال: قلت بلى وقال: أولم تكن تسير في قومك بالمرباع؟ قال: قلت بلِّي، قال: فإن ذلك لَمْ يكن يحل لك نجي دينك، قال: قلت: أجل والله، وقال: وعرفت أنه نبي مرسل يعلم ما يُجْهَل ثم قال: لعلك يا عديّ إنما يمنعك من الدخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم فوالله ليوشكن المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه، ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم فوالله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت لا تخاف، ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى الملك والسلطان في غيرهم وايم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت، قال: فأسلمت. وقد صدق رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما ورد في هذه الرواية، كما صدق عديّ بإسلامه حيث صار له دور في نصرة الدين وخدمة الإسلام وتحت راياته


(١) الطبري د. السنديوني ص ٩٥.
(٢) الطبري تاريخ الرسل - ابن عبد البر الاستيعاب مع الإصابة - البغدادي خزانة الأدب - ابن هشام السيرة ٤/ ٢٥٥ - ابن كثير البداية والنهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>