للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منذ القرن الخامس الهجري حتى بداية القرن العاشر أثارت تساؤلات كثيرة من المهتمين (١) بتاريخ المنطقة، وعلى كل مهما ندرت المراجع والمعلومات. المحددة فإن هذا لا يلغي وجود النشاط الإنساني فوق أديم تلك المنطقة وبقاء سكانها من بطون طيئ والقبائل الأخرى التي كانت تقيم معهم أو حولهم في تلك الربوع، وأنهم في حياتهم شأنهم شأن بقية الأصقاع النجدية التي عاشت في قراها وفي مراعيها وصار هاجسها الوحيد البقاء والذود عن مواطنها، وقد وصف الدكتور العثيمين واقع منطقة نجد وأوضاعها قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رَحِمَهُ اللهُ - فقال (٢):

"كانت هذه المنطقة - يقصد منطقة نجد - مكونة من إمارات بلدان صغيرة الحجم كثيرة العدد، ومن قبائل رُحَّل مختلفة الأحجام والنفوذ، وكان الخلاف بين إمارة وإمارة والنزاع بين قبيلة وأخرى من الأمور المألوفة في حياة الطرفين الحضري والبدوي على حد سواء".

وأقول: إن هذا الوضع حال دون قيام كيان قوي كبير ذى سلطة مركرية، إذ إن قيام مثل ذلك الكيان لَمْ تتوافر له المقومات في ظل الظروف القائمة حيئذاك في تلك القرى والأفكار التي تسيطر على عقول القبائل، ناهيك عن الجهل والعامية التي تعم القبائل؛ لهذا فإن الكيان المركزي يحتاج إلى فكرة تجمع عقول الأغلبية وهذا ما حدث في قيام الدولة السعودية الأولى في منتصف القرن الثاني عشر الهجري عندما احتضنت دعوة الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية وتعاهد مع الإمام محمد بن سعود على نشر الأفكار الإصلاحية، وقد لاقت فكرة توحيد أقاليم نجد مقاومة من المدن والقرى والقبائل النجدية ناهيك عن القوى الأخرى مما هو معروف تاريخيًا، والمقاومة التي أظهرتها القبائل والقرى تعكس الجانب السيكولوجي للسكان وعزوفهم عن قيام الكيانات المركزية الكبيرة ورغبتهم في بقاء السيطرة والنفوذ حتى لو كانت صغيرة وضعيفة.


(١) انظر كتاب الألف سنة الغامضة من تاريخ نجد للأستاذ/ عبد الرَّحمن السويداء.
(٢) الدكتور عبد الله العثيمين - نشأت إمارة آل رشيد - ص ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>