إذا كانوا فعلا من تلك الشجرة الوارفة الظلال، فهذا شرف لا يبلغه شرف وتكون في ذلك شريفة في أصلها شمَّرية في انتمائها، ففي عرف المؤرخين بأن هناك أصلا قديما وانتماء جديدا، فمثلا لو تتبعنا تاريخ أسرة الطيار لنجدها تنحدر من سلالة الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - وهذا أصل، لكنها ما برحت والأيام تطوى إلا أن غدت في قبيلة عنزة، وهذا انتماء، وغيرها كثير .. لكن الجربا وقد أصبحت من رواسي شمَّر ونبغ منها قادة وكرماء وزعماء وأمراء ومشايخ وشعراء وحكماء شابهت في كثير من المواقع التاريخية ما شغله زعماء من قبيلة طيئ ومن ثعل حصرا، أمثال حاتم الطائي وولده عدي بن حاتم وزيد الخير وآخرين كثر ممن أنجبهم جبل أجأ وسلمى في بلاد نجد.
ولنا رأي يمكن أن نبديه إلى أولئك الذين يتمسكون بحقيقة انتمائهم إلى الأشراف ونحن بدورنا لا نتجاوز انتماءهم هذا ولكن لنا إيراد بعض ما يمكن أن نقف عليه من حقيقة هذا الانتماء فنقول:
أولا: لم نعثر من خلال تقصي أخبار الجربا بأن لهم تواجدا تاريخيا معينا يمكن أن نستند عليه في تثبيت حقائق هذا الانتماء، فلوأخذنا مكة المكرمة والمدينة المنورة وما حولهما فإننا سنجدهما معقل الأشراف منذ القدم وحتى اليوم، فالأشراف فيهما هم الأشراف الذين خرجوا والذين بقوا، فأسرة الطيار وهي من عداد الأشراف نراها قد خرج قسم منها من وادي فاطمة في المدينة المنورة إلى خارج المدينة وأصبح انتماؤها فيما بعد مع قبيلة عنزة، لكن بقي منها من ينتمي إليها حتى الآن موزعون في أنحاء متفرقة في المدينة المنورة والزلفى وغيرها وكذلك أسر الأشراف الأخرى في الأردن والمغرب وليبيا والسودان وعسير واليمن والعواق، حيث إن كلا منها قد عرف نسبه وانتماءه.
أما أسرة الجربا فلا يزال موقعها الجغرافي والاجتماعي ضمن نطاق قبيلة طيئ سواء في مقرها القديم في الجنوب أو في مقرها الجديد في جبل شمَّر الذي سمي فيما بعد باسم شمَّر.
كما أنني لم أعثر للجربا على مواقع وامتلاك واحات النخيل التي يذكرها لنا الأشراف في ملكيتهم لها في مكة والمدينة وما جاورهما.