ويحتفظ كبار السن من بني هاجر بمعرفة الأسباب الأساسية لنزوح القبيلة، ومن أهم ما روي لي منهم في هذا الصدد أن نزاعا قد جرى بين فخذ من بني هاجر وفخذ من آل عبد القادر وهم أصحاب حلف، وأدى هذا النزاع إلى القتال، وقد تدخل شيوخ قحطان لحل هذا النزاع وتوصلوا إلى حل وافقت عليه جميع الأطراف، وهذا الحل يكمن في أن يقوم رجل من آل عبد القادر بركوب جواده وحمل رمحه معه، وبعد أن يسير بفرسه في أملاك بني هاجر مدة يوم كامل، بعدها يقوم الخيال برمي رمحه وفي المكان الذي يقع فيه الرمح تضم هذه الأملاك وهي لبني هاجر إلى أملاك آل عبد القادر دية للذين وقعوا أثناء هذا النزاع، ولقد وقع هذا الرمح في بئر لبني هاجر وتعرف باسم (بئر الوصية) وهذه البئر موجودة إلى يومنا هذا، حيث يستخدم بنو هاجر الجزء الذي لهم بعد أن قسم والجزء الثاني يستخدمه آل عبد القادر، ونتيجة لذلك فقد ضم آل عبد القادر إلى أملاكهم جزءًا من أخصب وأغنى الأراضي؛ لأنَّ بني هاجر كانوا معروفين بالثراء، وهو ما ذكره الباحث علي آل حصوصة في تعليق له في مجلة العرب حيث قال: إنه وقد يستغرب البعض من هذه القصة اليوم، ويعتبرها من نسيج الخيال أو أقرب إلى الأسطورة منها إلى الحقيقة، ولكن العارفين بعادات القبائل وأحوالها وطرق حلها للخلافات يمكنه أن يدرك أن مثل هذا الحل الذي توصل إليه شيوخ قحطان يعتبر حلا طبيعيا وعادلا بين القبائل وبعضها البعض.
وعندما نزحت فخوذ بني هاجر من راحة قال شاعر من بني هاجر:
شدينا وخلينك يا ديرة الوفاء … وشدينا وخلينا قصورا براحه
وقال شاعر من بني شعيب من عبيدة وحلفا وهم أبناء شعيب بن عامر بن عبد الله بن مالك بن نصر الأزدي قصيدة منها هذه الأبيات:
شدو بني هاجر وخلو بلادهم … وقالوا بني هاجر غدو في كحالها
فرد عليه شاعر من بني هاجر قائلًا:
العين حذب ذمنا وسط مجلس … قول بني هاجر غدو في كحالهنا
الميت دعوى هاجر البدو في القرى … تصالي شعيب اللِّي كثير أرجالها
أقوله وأنا من لابةٍ هاجريه … سدا قطيب لي في احتيالها