بعد أن صاح فيهم الفارس سعد وكان صوته جهوريا وعندما قرب من فرسه جفلت من صوته وهربت وصار يلحقها ولم يستطع الإمساك بها، وقد كان المهاشير والمسارير والفلحة على عد ويعرف بالسافي وليسوا ببعيدين من الكدادات أخوال الفارس سعد فرأوا الراعي وهو يصيح: القوم القوم، فاعتقدوا أنه رأى جهامة من بعيد فظن أنهم قوم غازون ولكن عندما رأوا الفارس سعد يصيح وهو يتبع فرسه الهاربة وكذلك فرسان الكدادات فزعين ركبوا خيولهم للحاق بهم وكان أول من لحق القوم الفارس عيد بن هادي الملقب بالطعان واستطاع أن يرد ناقتين وبعد أن لحق بهم بنو هاجر لم يشتبكوا معهم من الخلف بل ساروا مجاورين لهم فكمنوا لهم في منخفض من الأرض وأمروا اثنين منهم يملكون بنادق بأن يقبع كل واحد منهم في طرف ويطلق الرصاص على القوم ليشتت جمعهم بالمفاجاة، وعندما قدم القوم يسوقون الإبل بدأ الرماة بالرمي فكانت مفأجاة لهم، وصار كل منهم يبحث عن جهة يتقي بها الرصاص، فهجم عليهم بنو هاجر وهم على تلك الحالة فدارت معركة شديدة بينهم بالسيوف والرماح والشلف، وقتل من بني هاجر الفارس نعير بن جديد، وعلم أخوه بداح بمقتله أثناء المعركة فلم يبحث عنه بل استمر في القتال وفي نهاية المعركة استطاع بنو هاجر استرداد الإبل ومنعوا منهم من منع فأكرموهم وأخلوا سبيلهم، وهي من عادات القبائل العربية، وقد أبلى فرسان المهاشير والذين كانت تسمع أصواتهم وهم يعتزون (بخيال الجدعاء) في أثناء المعركة وكذلك الكدادات أخوال الفارس سعد والمسارير حيث ذكر الشاعر فارسين منهم (الفارس أبو منيف خويران من آل راكان) و (الفارس جاسر بن عجيم) من آل سويدان و (الفارس أبو علي ناصر بن علي من آل راكان) وذلك في عرض قصيدته وعندما رجع بنو هاجر من المعركة وجدوا الفارس سعدا يتألم لعدم استطاعته الاشتراك معهم في استرداد الإبل فطلب منهم مساعدته بالبحث عن فرسه فلبوا طلبه، وعندما وجدها أراد الفارس سعد أن يقتلها ولكنهم منعوه فأنشده هذه الأبيات:
خيل تعدى نفعها عن قعا ضيب … يا خيب سدي يوم شأن الزماني
يا ليتها يوم شكمت بالمكاليب … أنى عليها مرخيي العناني
لزم علي أن أصل الموت ماهيب … أما غدي ولا تعود ثواني