كان ربيعة بن رياح أبو سلمى مجاورًا لبني عبد الله بن غَطَفان، وأخواله من غَطَفان أسعد بن الغدير، وبشامة بن الغدير. واتفق ذات يوم أن بني عبد الله بن غَطَفان وهم بنو مُرّة، أرادوا أن يغيروا على قوم من طيئ. فخرج أسعد بن الغدير وابنه كعب بن أسعد وذهب معهم أبو سلمي، فأصابوا نعمًا كثيرة وأموالًا، فرجعوا حتى انتهوا إلى أرضهم فقال ربيعة بن رباح لحاله أسعد ولابن خاله كعب بن أسعد: أفردا لي سهمي فأبيا عليه ومنعاه حقه. فكف عنهما حتى إذا كان من الليل أتى أمه فقال: والذي يحلف به، لتقومنَّ إلى بعير من هذه الإبل فلتقعُدِنَّ عليه، أو لأضربنَّ بسيفي تحت قرطك، فقامت أمه إلى بعير منها فاعتنقت سنامَه فقال أبو سلمى وهو يرتجز: مستاقًا معه بعض الإبل.
ويل لأجمال العجوز مني … إذا دنوت ودنون مني
وكأنني سمعمع من جني
فخرج بها وبالإبل حتى انتهى إلى مُزَيْنَة وهو يقول:
لتغدونَّ إبل مجنَّبه (١) … من عند أسعد وابنه كعب
الأكلين صريح قومهما … أكل الحباري برعم الرطب
فلبث أبو سلمى في قومه مُزَيْنَة حينًا وأراد أن يغير بهم على بني ذبيان من غَطَفان وهم قوم أسعد بن الغدير، فأبت عليه مُزَيْنَة ذلك. فلما رأى هذا منهم غضب عليهم وذلك حين يقول:
من يشتري فرسًا لخير غزوها … وأبت عشيرة ربها أن تسهلا
يقول: إن عشيرة صاحب الفرس أبت تنزل لتغير على الآخرين فمن يشتري هذه الفرس التي أعدت لهذا الغرض.
قلت: وهذا دليل قاطع أيضًا على أنَّ منازل مُزَيْنَة هي رؤوس الجبال من أرض الحجاز. وأقول أيضًا ما أشقى العرب في ذلك الزمان. انظر إلى هذا الشاعر الذي غزا مع أخواله وأخذوا مالًا حرامًا من أموال طيئ بعدما سفكوا الدماء بدون شك فلما أبو أن يقسموا له أخذ ما زاد عن قسمه بالقوة انتقاما، فلما لبث في