للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يلتحف الثرى وصاحبه على الفراش الوثير، يموت جوعا ولا يبخل على ضيفه وجاره ويفتخر بهذا فيقول:

وحين أصاحب الفتيان صبوا … على مطوية الأقراب خوصِ

ولم أبخل على ضيفي وجاري … بغال ما أفيد ولا الرخيص

بذلك كان أوصاني جدودي … فأرعى عهدهم والجعد موصى (١)

هذا عن كرمه وشجاعته أما عن حبة وهيامه فقد هآل في غرام أحدى فتيات قومه مدة طويلة، ولما اشتهر بحبه لها منع منها، وأصبحت عيون الأعادي والحاسدين ترقبه في كل مكان لذلك يقول:

أحقا - عباد الله - ألست صادرا … ولا واردا إلا عليّ رقيب

ولا ناظرا إلا وطرفي دونه … بعيد المراقي في السماء مهيب

ولا ماشيا وحدي ولا في جماعة … من الناس إلا قيل أنت مريب

وهل ريبة في أن تحن نجيبة … إلى إلفها أو أن يحن نجيب (٢)

وشعر ابن الدمينة من أرق الشعر وأعذبه، قال عنه الزبير بن البكار: "كان ابن الدمينة من أحسن الناس نمطا، يجتمع له مع رقة المعاني الفصاحة، ومع العذوبة الجزالة، وكان مقدما في المتغزلين، نقي الكلم، بعيدا عن التكلف، يخلط بمذاهب الأعراب حلاوة الحجازين، وأكثر شعره نسيب" (٣).

وقال عنه عبد الرحمن العباسي: "هو شاعر مشهور، له غزل رقيق الألفاظ دقيق المعاني" (٤)، ولا أستطيع أن أوفى الرجل حقه في ترجمة موجزة كهذه، وقد ترجم له محقق الديوان الدكتور أحمد راتب النفاخ ترجمة مطولة نشرها في مقدمة الديوان، ومن أجمل شعره قصيدته البائية، وقد بلغت (٩١) بيتا برواية الهجري ومنها:


(١) الديوان، ص ٦٦، تحقيق: د. أحمد راتب النفاخ.
(٢) المصدر نفسه، ص ١٠٤.
(٣) المصدر نفسه، ص ٥.
(٤) معاهد التنصيص، ص ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>