للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قرر البغدادي (١) أن مالك بن الريب من أجمل فتيان العرب جمالا وأبينهم بيانًا.

قال أبو عبيدة: إنه لما ولى معاوية بن أبي سفيان قريبه سعيد بن عثمان بن عفان على خراسان سار بمن معه فأخذ طريق فارس فلقيه مالك. فلما رآه سعيد أعجبه وقال أبو حسن المدائني لما لقيه سعيد في نفر من أصحابه قال له: ويحك يا مالك، ما الذي يدعوك إلى ما بلغني عنك من العداوة وقطع الطريق؟! قال: أصلح الله الأمير العجز عن مكافأة الإخوان. قال: فإن أغنيتك واصطحبتك أتكف عما تفعل قال: نعم أصلح الله الأمير، فاصطحبه وأجرى له خمسمائة دينار في كل شهر وظل معه حتى قتل بخراسان وربما أن سعيدا لم يصطحبه إلىْ خراسان ولم يغدق عليه هذه النعم إلا لاتقاء شره الذي نال به من شاء من المروانيين لأنه من قطاع الطرق، فحسب ذلك ما ذكره ابن قتيبة (٢) أن رجلًا من بني تميم (هجا الحجاج بن يوسف الثقفي أحد قواد الأمويين فقال:

فإن تنصفونا يالمروان نقترب … إليكم وإلا فأذنوا بإبعاد

فإن لنا عنكم مراحا ونزحة … بعيس إلى ريح الفلاة صوادي

فماذا عسى الحجاج يبلغ جهده … إذا نحن جاوزن حفير زياد

فلول بنو مروان كان ابن يوسف … كما كان عبدًا من عبيد إياد

زمان هو العبد المقر بذله … يراوح صبيان القرى ويغاد

ولا يخفى على فاهم أن تلك النعم التي أغدقها سعيد على مالك بن الريب في خراسان كانت مانعته من الاستمتاع بحريته التي لا يعرفها ولا يقدرها إلا من عرفها كمالك بن الريب ولما لبث في خراسان ما لبث رأى من الوالي فتورا يكرهه فاستعد للأخذ بحقه وشاهد ذلك ما ذكره الطبري (٣) أن سعيدا قطع النهر يومًا إلى (سمرقند) فخرج إليه أهل الصفد فتوافقوا إلى الليل ثم انصرفوا من غير قتال، فقال مالك: في ذلك:


(١) انظر: خزانة الأدب ج ٢ ص ٥١.
(٢) انظر: الشعر والشعراء لابن قتيبة ص ١٢٩.
(٣) انظر: تاريخ الطبري ج ٦ ص ١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>