إلى أن قال في قصة انضمامه إلى جيش سعيد بن عثمان بن عفان وخروجه إلى هذا النداء الذي وفق به إلى الهدى حيث قال:
ألم ترنى بعت الضلالة بالهدى … وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
وأصبحت في جيش الأعادي بعدما … أراني عن أرض الأعادي قاصيا
ويستمر إلى أن قال في فراق والديه وأولاده وبناته ووحدته:
فلله دري يوم أترك طائعا … بني بأعلى الرقمتين وماليا
ودر الظباء السائحات عشية … يخبرن أني هالك من ورائيا
ودر كبيري اللذين كلاهما … علي شفيق ناصح لو نهانيا
تذكرت من يبكي علي فلم أجد … سوى السيف والرمح الرديني باكيًا
وأشقر محبوك يجر لجامه … إلى الماء لم يترك له الدهر ساقيا
إلى أن قال لما شعر بالموت:
فيا صاحبا رحلي دنا الموت فانزلا … برابية إني مقيم لياليا
أقيما عليّ اليوم أو بعض ليلة … ولا تعجلاني قد تبيّن شانيا (١)
وقوما إذا ما استل روحي مهيئا … لي السدر والأكفان عند فنائيا
وخطا بأطراف الأسنة مضجعي … وردا على عيني فضل ردائيا
إلى أن قال متحسرا على أهله حتى بعد الموت:
يقولون لا تبعد وهم يدفنوني … وأين مكان البعد إلا مكانيا
غداة غد يالهف نفسي على غد … إذا أدلجوا عني وأصبحت ثاويا
وأصبح مالي من طريف وتالد … لغيري وكان المال بالأمس ماليًا
فهذه ستة عشر بيتًا من قصيدته تبيّن أنه كان أشعر من صاحبيه السليك بن السلكة وهلال بن الأسعر وأعمق وفاء لأهله وذويه، ثم تأمل أخيرًا مقدار توجعه على نفسه في تلك الظروف الحرجة التي لا يجد من يبكي عليها فيها سوى سيفه
(١) انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ٢٧٤ - ٢٧٥.