للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخواني من أشراف العرب، فوافيت معهم صلاة العصر فإذا عمها جالس فقال: أبا أمية، حاجتك؟ قلت: إليك، قال: وما هي، قلت: وصليت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكرت حاجتي فرد علي الرجل وزوجني وبارك القوم لي، ثم نهضنا فما بلغت منزلي حتى ندمت، فقلت: تزوجت إلى أغلظ العرب وأجفاها وتذكرت نساء بني تميم وغلظ قلوبهم فهممت بطلاقها. ثم قلت: أجمعها إلي فإن لاقيت ما أحب وإلا طلقتها، وأقمت أياما ثم أقبل نساؤها يهادينها فلما أجلست في البيت قلت: يا هذه إن من السنة إذا دخلت المرأة على الرجل أن يصلي ركعتين، وتصلي هي كذلك، ويسألان الله خير ليلتهما ويتعوذان بالله من شرها وقمت أصلي، ثم التفت ورائي فإذا هي خلفي تصلي، فلما انتهيت أتتني جواريها، فأخذن ثيابي وألبستني ملحفة صبغت بالزعفران فلما خلا البيت دنوت منها فمددت يدي إلى ناحينها فقالت: على رسلك (١) فقلت في نفسي: إحدى الدواهي منيت بها فقالت: إن الحمد لله أحمده وأستعينه وأصلي على نبيه وآله. . أما بعد فإني امرأة عربية ولا والله ما سرت سيرا قط إلا لما يرضي الله وأنت رجل غريب لا أعرف أخلاقك فحدثني ما تحب فآتيه، وما تكرهه فأجتنبه، فقلت: الحمد لله وصلى الله على نبيه محمد، قدمت خير مقدم قدمت على أهل زوجك سيد رجالهم وأنت سيدة نسائهم أحب كذا وكذا وكذا وأكره كذا، قالت: أخبرني عن أصهارك أتحب أن يزوروك: فقلت: إني رجل قاض وما أحب أن يملوني.

فقمت بأنعم ليلة وأقمت عندها ثلاثا ثم خرجت إلى مجلس القضاء فكنت لا أرى يوما إلا وهو أفضل من الذي قبله حتى كان عند رأس الحول ودخلت منزلي فإذا عجوز تأمر وتنهي، قلت: يا زينب ما هذه قالت: أمي فلانة قلت: مرحبا بك وأهلا وسهلا، فقالت يا أبا أمية كيف أنت وحالك؟ قلت: بخير أحمد الله، قالت: كيف زوجتك؟ قلت: كخير امرأة وأوفق قرينة لقدر بيت فأحسنت التربية وأدبت فأحسنت التأديب فجزاك الله خيرا، فقالت: إن المرأة لا ترى في حال أسوأ خلقا منها في حالين:


(١) على رسلك بكسر الراء وسكون السين أي تمهل، انظر: بني تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ ص ٣٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>