خرجت بنات الحي يجتنين الكمأة، وبصرن بالناقة ورأين أوسا ملقى، ففروا عنه، فنادى أوس إحداهن، وسألها عمن هي .. ؟.
فقالت: أنا حليمة بنت فضالة الأسدي.
وكان أوس يعرف أباها معرفة جيدة وكانت بينهما صلات، فدفع إليها حجرا وقال: أعط هذا لأبيك وقولي له: ابن هذا يقرئك السلام.
فمضت حليمة وبلّغت ما قاله أوس لأبيها، فأتى أبوها فضالة فاحتمل أوسا إلى بيته وعالجه وأكرمه فنظم أوس مدائح كثيرة فيه، ثم توفي فضالة فرثاه بتلك الأبيات.
وسئل عمر بن معاذ. وكان بصيرا بالشعر مَن أشعر الناس .. ؟
قال: أوس بن حجر؟
وكان أوس من أهل البحرين. ثم تطوف في نجد والعراق وبلاط الحيرة، وحض عمرو بن هند على الأخذ بثأر ابنه المنذر الذي قتله الحارث ملك الغساسنة يوم حليمة سنة ٥٥٤ م لأن أبا حجر قتل أيضًا في ذلك اليوم.
وكان يمدح للشكر ويحسن الرثاء ويكثر القول في الحكمة وخصوصا في مكارم الأخلاق، كما كان يرى أن الاستعداد للحرب من الصواب.
وكان زهير بن أبي سلمى الشاعر راوية لأوس بن حجر ومتأثرا بشعره وقال أوس مرة:
ولا أعتب ابن العمل أن كان ظالما … وأغفر منه الجهل أن كان جاهلا
وإني امرؤ أعددت للحرب بعدما … رأيت لها نابا من الشر أعضلا
وقد استغل شعر أوس بن حجر تلميذاه زهير بن أبي سلمى والنابغة الذبياني واعتمدوا في شعرهما على شعره في الوصف والتشبيه ولم يكتفيا يتقليده واقتفاء أثره، بل استعارا منه كثيرا من معانيه وألفاظه في كثير من قصائدهما، وفعل غيرهما فعلمها حتى أصبح شعره مدرسة.