ومما سجلته كتب السير والتاريخ أن الخليفة الثاني لما بعث الألوية لقواد الجيوش دفع لواء سجستان إلى (عاصم). وكتب المغازي مشحونة بأشعاره الكثيرة في فتوح العراق.
ولما دخل المسلمون المدائن الغربية كان دجلة بينهم وبين المدائن الشرقية، وبها إيوان كسرى، وليس للمسلمين سفن يعبرون فيها، فرأى سعد رؤيا خلاصتها أن خيول المسلمين اقتحمت دجلة، فعبرت، فعزم سعد أن يحقق الرؤيا، فندب الناس إلى العبور وقال:
من يبدأ ويحمي لنا الفراض - وهي المواني - حتى يتلاحق به الناس لكي لا يمنعهم الفُرس من العبور؟
فتقدم (عاصم بن عمرو) ومعه ستمائة من أهل النجدات فأمره عليهم، فتقدم عاصم في ستين فارسا، واقتحم بهم دجلة فلما رآهم الأعاجم وما صنعوا، أخرجوا للجيش الإسلامي مثله، فاقتحموا عليها دجلة، فلقوا عاصما وقد دنا من الفراض.
فقال عاصم: الرماح الرماح، أشرعوا وتوخوا العيون، فتوخى المسلمون عيونهم، فولوا منهزمن فلحقهم المسلمون فقتلوا أكثرهم، ومن نجا منهم صار أعور من الطعن، ولما رأى سعد أن عاصما قد حمى الفراض أذن لبقية الجيش فاقتحموا النهر، ونجوا جميعا، غير أن رجلا زل عن ظهر فرسه وكاد يغرق، فثنى القعقاع بن عمرو أخو عاصم عنان فرسه إليه، فأخذ بيده فأخرجه سالما، فلما رأى الفُرس ذلك أتاهم أمر لم يكن في حسبانهم أسرعوا هاربين إلى حلوان، ولينصرن الله من ينصره.
ويسجل التاريخ فخورا أنه في وقعة القادسية جهز الفُرس حملة من الفيلة فلما حملت على المسلمين فرقت كتائبهم، فنفرت خيولهم، وكانت الفُرس قد قصدت قبيلة بجيلة بسبعة عشر فيلا، فنفرت خيل بجيلة، وكاد فرسانها يهلكون، فاستنجد سعد بن أبي وقاص ببني أسد، فدارت عليهم رحا الحرب، وحملت الفيلة على ميمنتهم وميسرتهم فكانت الخيول تحيد عنها.