الهجرة إلى شمال أفريقيا ووسطها إلى جانب ما من بالمنطقة من جدوب متتالية أكلت الأخضر واليابس فبقيت هذه القفار والديار خلاء، مما هيأ الفرصة لأقوام آخرين أن يزحفوا إليها من تهامة ومن السروات ومن غيرها. كقحطان والدواسر ويام وغيرهم.
فكان نصيب الدواسر من هذه التركة الضخمة نصيب الأسد فصادفهم فيها قبول ونمو وانتشار فكثر عددهم ونما ما لهم وانداحت حدودهم فأصبحت لهم هذه الرقعة الواسعة وهذا الموطن الخصب.
فوادي الدواسر الذي رسمنا له هنا يعتبر على سعته - جزءا يسيرا من أرض الدواسر - فهو إقليم ولكن هناك أقاليم لهم غيره.
وهو ليس واديا بالمعنى المعروف تشقه السيول ويأخذ صفة الوادي حقيقة، ولكنه كان هكذا قديما فتراكمت الرمال على مدافعه وزحفت على مجاريه فظل يحمل اسم الوادي باعتبار ما كان إلا ما كان. . من سنة من السنين منذ نصف قرن تقريبا طغت السيول على أعلى واديه الذي هر وادي تثليث، فجاء سيله سيلا عرما في فصل الخريف وداهم أهل الوادي ليلا فأفسد كثيرا. ورحم الله الخلاوي حيث يقول:
وواد جرى لا بد يجري من الحيا. . . اما جرى عام جرى عام عايد
وأصل هذا الوادي كان ينحدر من السروات ومن عدة روافد كبيرة، ويمر ببلدان ومناطق وكل منطقة يمر بها يأخذ اسمه، فإذا جاوزها أخذ اسم المنطقة التي تليها، وهكذا فهو إذا اْنجد وادي (تثليث) وإذا أصحر (وادي العقيق)(عقيق عُقيل) وإذا انحدر مجتازا (تمرة) و (الكواكب الآن).
يمر (بمنطقة السُّليّل)، ثم يدفع في مغائض ومدافع دوين الربع الخالي، ثم يتلقفه حضن الربع الخالي.
وكان قديما يدعى (عَقيِق جَرم)، وهو غني بمعادن الذهب منذ القدم، وهو مصداق لقوله عليه الصلاة والسلام فيما يروى: مطرت أرض عقيل ذهبا.