للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلى وقت قريب جدا كان لكل قبيلة من قبائل زهران شاعرها الذي يشيد بمفاخرها وأمجادها، ويهجو أعداءها ويندد بهم، ثم أخذت هذه الظاهرة في التلاشي تدريجيا حتى انعدمت تماما في الوقت الحاضر.

وقد تحدرت قبائل زهران كما ذكرنا سابقا من أبناء زهران بن كعب بن الحارث الستة وهم: عبد اللَّه ونصر والنمر ومالك وعبرة وصقل ومن نسلهم تكونت قبائل زهران وكان يطلق على بني عبرة وصقل بنو خنيس (١) نسبة إلى رجل تولى حضانتهم، وقام بالإشراف على أمورهم.

ومما يجدر ذكره أن هناك اختلافا كبيرا بين قبائل زهران في الماضي والحاضر، وذلك من حيث التوزيع الجغرافي والأسماء، فقبائل زهران حاليا تقطن في أواسط جبال الحجاز وتهامة، بينما انتشرت في الماضي في الحجاز وتهامة وعُمان والبصرة والأندلس. ومن أهم بطون زهران في الجاهلية والإسلام: دعثة وسليمة، وبنو شاهر بن زرعة وبنو هارون بن زرعة (٢) ومعن وهناءة والجنابذ وشبابة والنمر بن عثمان واليحمد وبنو الحدان وبنو معولة وبنو عامر وبنو هلال وبنو عبد اللَّه وبنو الخصاصة، وبنو فاحش وبنو ربعة وبنو برسان والأوس بن شمس ومحضب بن شمس وبنو سلامان ومنهم كان الشاعر الشنفري الفاتك ثابت بن أوس العداء المشهور في الجاهلية (٣) وكان يغير عليهم لأن رجلا منهم قتل أباه، ولم يساعدوه على أخذ ثأره فلحق بأخواله، وأقسم ليقتلن من بني سلامان مائة رجل فقتل منهم تسعة وتسعين ثم أمسكوا به وقتلوه، فمر رجل منهم بجمجته فضربها تشفيا عنه فدخلت فيها شظية من الجمجمة فمات فتمت المائة وقد قال عند لحاقه بأخواله:

جزينا سلامان بن مفرج قرضها … بما قدمت أيديهم وأزلت

وهنئ بي قوم وما إن هنأتهم … وأصبحت في قوم وليسوا بمنبتي

وقد تبوأ الشنقري مكانة مرموقة في الشعر، وله (لامية العرب) التي وجد فيها المؤرخون والأدباء صورة حقة للحياة العربية الأصيلة التي يرى فيها


(١) ابن حزم الأندلسي - نفس المرجع - ص ٣٧٩.
(٢) سكن بنو شاهر بن زرعة وبنو هارون بن زرعة تدمير بالأندلس.
(٣) ابن حزم الأندلسي - نفس المرجع - ص ٣٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>