بضعة رجال ينقبون في الصحراء عن نوع من النمل الكبير له فكان قويان كبيران، فتغيب هؤلاء يومين كان على الجريح أن يبقى خلالهما ممددًا فوق الرمال لا تبدو منه أية حركة، ثم عادوا وهم يحملون نحوا من ثلاثين نملة، وأصبح إذ ذاك من الممكن إجراء العملية على يد عجوز من آل مرة عليم بأساليب المعالجة والشفاء.
وفي الوقت الذي كانوا يذيبون فيه كمية من زبد الناقة في وعاء أضرمت تحته النار، كشف "الجراح" عن موضع الإصابة، وهو يتمتم بالتعاويذ، وكان على ابن سعود أن يطرد الذباب بقطعة من الجلد، وعلى أخيه محمد وابن جلوي أن يمسكا بالجريح الذي كان يتلوى من الألم من غير أن تصدر منه آهة أو أنة.
وفي هذه الأثناء غمس "الجراح" يديه وفي إحداهما سكين طويل، في الزبد الحار، وسكب كمية في موضع الجرح، ثم شق بطن المصاب بضربة واحدة، وعمل على إيقاف النزيف من الأوعية المتقطعة بصب الزبد الحار عليها، ثم مد يده إلى داخل البطن فأخرج منه المعدة وناولها لابن سعود الذي كان عليه أن يمسك بهذه الكتلة الدموية ويضغط في الوقت نفسه على طرفي الجرح ليقرب ما بين شقيه، في حين كان شخص آخر يقدم للطبيب نملة بعد أخرى، جاعلا كل واحدة تعقص شقي الجرح بفكيها، ثم يهرس جسمها بإبهامه فيظل الفكان مع الرأس ضاغطين على الشقين، وإذ ذاك تبدأ عملية الخياطة في الجرح إلى أن تنتهي، فيقفل جدار البطن ببعض الأشواك الكبيرة، ويصب الزبد فوقه من جديد ثم يضمد بقطعة من القماش.
ولما انتهت العملية وضع الجريح الذي ازرقَّ جلده بين جملين لوقايته من البرد أثناء الليل. وأما ما عدا ذلك من أسباب العناية فترك أمره إلى اللَّه. وكان اللَّه رحيمًا فشفي المصاب بعد بضعة أسابيع شفاء تامًا، وأصبح فيما بعد من أتباع ابن سعود ورئيسًا لحرسه الخاص.
ومما قيل عن حياته يرحمه اللَّه: أنه رغب في مصاهرة الأمير علي المرضف أمير آل مرة آنذاك، وقيل أنه تزوج بصبرة بنت المرضف، ولكنها رفضت القدوم إليه في الرياض بعد دخوله، وفي رواية أخرى أنه لم يتزوج بها لأنها تريد ابن عم لها، وعندما سئلت عن رفضها لتلك الزيجة قالت هذين البيتين: