عليه قربًا ملأى بالماء إمدادًا لأصحاب البرج، فكان طريق الحمار من أعلى منهم، ولما اقترب السقاي وحماره من البرج فإذا بقومه يؤدون صلاة العشاء فربط الحمار ورقى إليهم ليصلي معهم، فرقى أحدهم للحمار وأخذ منه قرب الماء وذهب بها لربعه وشربوا، وكان في أعلى البرج سراج، وبعد أن انتصف الليل وهدأ وهدأت أصوات الناس وسكن الليل، قام الإمام وأخرج رأسه من إحدى المزاغيل لينظر فرأى ابن هدفه وربعه ظلال رأسه، وظلال البندق وكان فوقهم مباشرة، فرفعها ابن حبيشة إليه وضربه وأصابت رأسه مباشرة فوقع في البرج صريعا ووقعت البندقية خارج البرج، حيث وقعت على ابن هدفه وجماعته ولم يكونوا يعلمون أنه الإمام، وبعد أن أطلقت تلك الرصاصة التحمت الجيوش وانهزمت جيوش الإمام معنويا قبل انهزامهم عسكريّا، وأمكن اللَّه منهم وفتحت أبواب القلعة وهرب من هرب منهم وأسر من أسر، فلما نظروا إلى البندقية فإذا بها تحمل اسم الإمام وهي من نوع (ام تاجين)، ودارت معركة بين الجمعين، وفي الصباح وجدوا القلعة قد خليت من أصحابها، وبعد فترة من انتهاء المعركة نادى منادي الملك عبد العزيز أنه من يريد البقاء معنا فله ذلك ومن أراد الذهاب فهو مرخوص، إلا ابن هدفه وربعه فإنهم غير مرخوصين (وذلك بعد علم الملك عبد العزيز بقصة ابن هدفه وربعه) ومكثوا مع الأمير فيصل بن عبد العزيز مكرمين معززين ووجدوا عنده كل حفاوة وتكريم طيلة فترة بقائهم عنده، وقد مكثوا عند الأمير فيصل سنة كاملة، ثم طلبوا السماح لهم بزيارة أهليهم.
وممن شارك من آل مرة نذكر منهم (بخيت بن بخيت العليان - راشد بن سعد العليان - محمد بن فهيد الهويمل - الكحيلي من آل هادي بن زايد - العطيب من الغياثين وراشد بن عمير) وكانت هناك جبهتان؛ الجبهة الأولى في خميس مشيط، والأخرى في نجران وقال راشد بن عمير هذه الأبيات:
في خميس مشيط دوّجنا بسوقه … يا ليتني ما شفت شيين الحلايا
كم طويلٍ نايفٍ ذبّت بروقه … إيلين قد هي مثل طيران الحنايا
عز والى بارقٍ رينا شعوقه … جعل يسقي دار مجلي الثنايا
ضامر السرجوف عهده ما يبوقه … جعل يفدونه مطرده الحكايا